تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٢٣
(بيان) الآيات تختم السورة وتأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يترك أولئك المكذبين وشأنهم ولا يتعرض لحالهم، وأن يصبر لحكم ربه ويسبح بحمده، وفي خلالها مع ذلك تكرار إيعادهم بما أوعدهم به في أول السورة من عذاب واقع ليس له من دافع، وتضيف إليه الايعاد بعذاب آخر دون ذلك للذين ظلموا.
قوله تعالى: " فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون " " ذرهم " أمر بمعنى اتركهم وهو فعل لم يستعمل من تصريفاته إلا المستقبل والامر، و " يصعقون " من الاصعاق بمعنى الإماتة وقيل: من الصعق بمعنى الإماتة.
لما أنذر سبحانه المكذبين لدعوته بعذاب واقع لا ريب فيه ثم رد جميع ما تعلل به أو يفرض أن يتعلل به أولئك المكذبون، وذكر أنهم في الاصرار على الباطل بحيث لو عاينوا أوضح آية للحق أولوه وردوه، أمر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يتركهم وشأنهم، وهو تهديد كنائي بشمول العذاب لهم وحالهم هذه الحال.
والمراد باليوم الذي فيه يصعقون يوم نفخ الصور الذي يصعق فيه من في السماوات والأرض وهو من أشراط الساعة قال تعالى: " ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض " الزمر: 68.
ويؤيد هذا المعنى قوله في الآية التالية: " يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئا ولا هم ينصرون " فإن انتفاء إغناء الكيد والنصر من خواص يوم القيامة الذي يسقط فيه عامة الأسباب والامر يومئذ لله.
واستشكل بأنه لا يصعق يوم النفخ إلا من كان حيا وهؤلاء ليسوا بأحياء يومئذ والجواب أنه يصعق فيه جميع من في الدنيا من الاحياء ومن في البرزخ من الأموات وهؤلاء إن لم يكونوا في الدنيا ففي البرزخ.
على أنه يمكن أن يكون ضمير " يصعقون " راجعا إلى الاحياء يومئذ، والتهديد إنما هو بالعذاب الواقع في هذا اليوم لا بالصعقة التي فيه.
وقيل: المراد به يوم بدر وهو بعيد، وقيل: المراد به يوم الموت، وفيه انه لا
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»
الفهرست