تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٢٠
شاعر أو متقول لان عجز البشر عن الاتيان بمثله يأبى إلا أن يكون كلام الله سبحانه لكن الأظهر ما تقدم.
قوله تعالى: " أم خلقوا من غير شئ أم هم الخالقون " إتيان " شئ " منكرا بتقدير صفة تناسب المقام والتقدير من غير شئ خلق منه غيرهم من البشر.
والمعنى: بل أخلق هؤلاء المكذبون من غير شئ خلق منه غيرهم من البشر فصلح لارسال الرسول والدعوة إلى الحق والتلبس بعبوديته تعالى فهؤلاء لا يتعلق بهم تكليف ولا يتوجه إليهم أمر ولا نهي ولا تستتبع أعمالهم ثوابا ولا عقابا لكونهم مخلوقين من غير ما خلق منه غيرهم.
وفي معنى الجملة أقوال أخر.
فقيل: المراد أم أحدثوا وقدروا هذا التقدير البديع من غير مقدر وخالق فلا حاجة لهم إلى خالق يدبر أمرهم.
وقيل: المراد أم خلقوا من غير شئ حي فهم لا يؤمرون ولا ينهون كالجمادات.
وقيل: المعنى أم خلقوا من غير علة ولا لغاية ثواب وعقاب فهم لذلك لا يسمعون.
وقيل: المعنى أم خلقوا باطلا لا يحاسبون ولا يؤمرون ولا ينهون.
وما قدمناه من المعنى أقرب إلى لفظ الآية وأشمل.
وقوله: أم هم الخالقون " أي لأنفسهم فليسوا مخلوقين لله سبحانه حتى يربهم ويدبر أمرهم بالامر والنهي.
قوله تعالى: " أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون " أي أم أخلقوا العالم حتى يكونوا أربابا آلهة ويجلوا من أن يستعبدوا ويكلفوا بتكليف العبودية بل هم قوم لا يوقنون.
قوله تعالى: " أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون " أي بل أعندهم خزائن ربك حتى يرزقوا النبوة من شاؤوا ويمسكوها عمن شاؤوا فيمنعوك النبوة والرسالة.
وقوله: " أم هم المصيطرون " السيطرة - وربما يقلب سينها صادا - الغلبة والقهر والمعنى: بل أهم الغالبون القاهرون على الله سبحانه حتى يسلبوا عنك ما رزقك الله من النبوة والرسالة.
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»
الفهرست