تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ١٩
الانتظار، وفي مجمع البيان: التربص الانتظار بالشئ من انقلاب حال له إلى خلافها والمنون المنية والموت، والريب القلق والاضطراب. فريب المنون قلق الموت.
ومحصل المعنى: بل يقولون هو أي النبي صلى الله عليه وآله وسلم شاعر ننتظر به الموت حتى يموت ويخمد ذكره وينسى رسمه فنستريح منه.
قوله تعالى: " قل تربصوا فإني معكم من المتربصين أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يأمرهم.
بالتربص كما رضوا لأنفسهم ذلك، وهو أمر تهديدي أي تربصوا كما ترون لأنفسكم ذلك فإن هناك أمر من حقه أن ينتظر وقوعه، وأنا أنتظره مثلكم لكنه عليكم لا لكم وهو هلاككم ووقوع العذاب عليكم.
قوله تعالى: " أم تأمرهم أحلامهم بهذا " الأحلام جمع حلم وهو العقل، وأم منقطعة والكلام بتقدير الاستفهام والإشارة بهذا إلى ما يقولونه للنبي صلى الله عليه وآله ويتربصون به.
والمعنى: بل أتأمرهم عقولهم أن يقولوا هذا الذي يقولونه ويتربصوا به الموت؟
فأي عقل يدفع الحق بمثل هذه الأباطيل؟
قوله تعالى: " بل هم قوم طاغون " أي أن عقولهم لم تأمرهم بهذا بل هم طاغون حملهم على هذا طغيانهم.
قوله تعالى: " أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون " قال في المجمع: التقول تكلف القول ولا يقال ذلك إلا في الكذب، والمعنى بل يقولون: افتعل القرآن ونسبه إلى الله كذبا وافتراء. لا بل لا يؤمنون فيرمونه بهذه الفرية.
قوله تعالى: " فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين " جواب عن قولهم: " تقوله " بأنه لو كان كلاما للنبي صلى الله عليه وآله وسلم كان كلاما بشريا مماثلا لسائر الكلام ويماثله سائر الكلام فكان يمكنهم أن يأتوا بحديث مثله فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين في دعواهم التقول بل هو كلام إلهي لائحة عليه دلائل الاعجاز يعجز البشر عن إتيان مثله، وقد تقدم الكلام في وجوه إعجاز القرآن في تفسير سورة البقرة الآية 23 تفصيلا.
ويمكن أن تؤخذ الآية ردا لجميع ما تقدم من قولهم المحكي أنه كاهن أو مجنون أو
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»
الفهرست