تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ١٥
مشفقون " فإذا عدي بمن فمعنى الخوف فيه أظهر، وإذا عدي بفي فمعنى العناية فيه أظهر قال تعالى: " إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين "، انتهى.
فالمعنى: إنا كنا في الدنيا ذوي إشفاق في أهلنا نعتني بسعادتهم و نجاتهم من مهلكة الضلال فنعاشرهم بجميل المعاشرة ونسير فيهم ببث النصيحة و الدعوة إلى الحق.
قوله تعالى: " فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم " المن على ما ذكره الراغب الانعام بالنعمة الثقيلة ويكون بالفعل وهو حسن، وبالقول وهو قبيح من غيره تعالى، قال تعالى: " يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للايمان إن كنتم صادقين: الحجرات: 17.
ومنه تعالى على أهل الجنة إسعاده إياهم لدخولها بالرحمة وتمامه بوقايتهم عذاب السموم.
والسموم - على ما ذكره الطبرسي الحر الذي يدخل في مسام البدن يتألم به ومنه ريح السموم.
قوله تعالى: " إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم " تعليل لقوله: " فمن الله علينا " الخ، كما أن قوله: " إنه هو البر الرحيم " تعليل له.
وتفيد هذه الآية مع الآيتين قبلها أن هؤلاء كانوا في الدنيا يدعون الله بتوحيده للعبادة والتسليم لامره وكانوا مشفقين في أهلهم يقربونهم من الحق ويجنبونهم الباطل فكان ذلك سببا لمن الله عليهم بالجنة ووقايتهم من عذاب السموم، وإنما كان ذلك سببا لذلك لأنه تعالى بر رحيم فيحسن لمن دعاه ويرحمه.
فالآيات الثلاث في معنى قوله: " إن الانسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر: " العصر: 3.
والبر من أسماء الله تعالى الحسنى، وهو من البر بمعنى الاحسان، وفسره بعضهم باللطيف.
(بحث روائي) في الكافي بإسناده عن أبي بكر عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل:
" والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم " قال: فقال: قصرت الأبناء
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»
الفهرست