تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٢٧
السماوي المضئ وقد أقسم الله في كتابه بكثير من خلقه ومنها عدة من الأجرام السماوية كالشمس والقمر وسائر السيارات، وعلى هذا فالمراد بهوي النجم سقوطه للغروب.
وقيل: المراد بالنجم القرآن لنزوله نجوما، وقيل: الثريا، وقيل: الشعرى، وقيل: الشهاب الذي يرمى به شياطين الجن لان العرب تسميه نجما، وللهوي ما يناسب لكل من هذه الأقوال من المعنى، لكن لفظ الآية لا يساعد على شئ من هذه المعاني.
قوله تعالى: " ما ضل صاحبكم وما غوى " الضلال الخروج والانحراف عن الصراط المستقيم، والغي خلاف الرشد الذي هو إصابة الواقع، قال: الراغب: الغي جهل من اعتقاد فاسد، وذلك أن الجهل قد يكون من كون الانسان غير معتقد اعتقادا لا صالحا ولا فاسدا، وقد يكون من اعتقاد شئ فاسد، وهذا النحو الثاني يقال: له غي، قال: تعالى: " ما ضل صاحبكم وما غوى ". انتهى. والمراد بالصاحب هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
والمعنى: ما خرج صاحبكم عن الطريق الموصل إلى الغاية المطلوبة ولا أخطأ في اعتقاده ورأيه فيها، ويرجع المعنى إلى أنه لم يخطئ لا في الغاية المطلوبة التي هي السعادة الانسانية وهو عبوديته تعالى، ولا في طريقها التي تنتهي إليها.
قوله تعالى: " وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى " المراد بالهوى هوى النفس ورأيها، والنطق وإن كان مطلقا ورد عليه النفي وكان مقتضاه نفي الهوى عن مطلق نطقه صلى الله عليه وآله وسلم لكنه لما كان خطابا للمشركين وهم يرمونه في دعوته وما يتلو عليهم من القرآن بأنه كاذب متقول مفتر على الله سبحانه كان المراد بقرينة المقام أنه صلى الله عليه وآله وسلم ما ينطق فيما يدعوكم إلى الله أو فيما يتلوه عليكم من القرآن عن هوى نفسه ورأيه بل ليس ذلك الا وحيا يوحى إليه من الله سبحانه.
قوله تعالى: " علمه شديد القوى " ضمير " علمه " للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أو للقرآن بما هو وحي أو لمطلق الوحي والمفعول الآخر لعلمه محذوف على أي حال والتقدير علم النبي الوحي أو علم القرآن أو الوحي إياه.
والمراد بشديد القوى - على ما قالوا - جبريل وقد وصفه الله بالقوة في قوله:
" ذي قوة عند ذي العرش مكين " التكوير: 20، وقيل: المراد به هو الله سبحانه.
قوله تعالى: " ذو مرة فاستوى " المرة بكسر الميم الشدة، وحصافة العقل
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست