تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٣٥
أبي الحسن الرضا عليه السلام فاستأذنته في ذلك فأذن لي فدخل عليه فسأله عن الحلال والحرام والاحكام. إلى قوله: قال أبو قرة: فإنه يقول: " ولقد رآه نزلة أخرى " فقال أبو الحسن عليه السلام: إن بعد هذه الآية ما يدل على ما رأى حيث قال: " ما كذب الفؤاد ما رأى " يقول: ما كذب فؤاد محمد ما رأت عيناه ثم أخبر بما رأى فقال: " لقد رأى من آيات ربه الكبرى " وآيات الله غير الله.
أقول: الظاهر أن كلامه عليه السلام مسوق لالزام أبي قرة حيث كان يريد إثبات رؤيته تعالى بالعين الحسية فألزمه بأن الرؤية إنما تعلقت بالآيات وآيات الله غير الله ولا ينافي ذلك كون رؤية الآيات بما هي آياته رؤيته وإن كانت آياته غيره، وهذه الرؤية إنما كانت بالقلب كما مرت عدة من الروايات في هذا المعنى.
وفي تفسير القمي حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: انتهيت إلى سدرة المنتهى وإذا الورقة منها تظل أمة من الأمم فكنت من ربي كقاب قوسين أو أدنى.
وفي الدر المنثور أخرج أحمد وابن جرير عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
انتهيت إلى السدرة فإذا نبقها مثل الجراد، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة فلما غشيها من أمر الله ما غشيها تحولت ياقوتا وزمردا ونحو ذلك.
وفي تفسير القمي بإسناده إلى إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل: فلما انتهى به إلى سدرة المنتهى تخلف عنه جبرئيل فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: في هذا الموضع تخذلني؟ فقال: تقدم أمامك فوالله لقد بلغت مبلغا لم يبلغه أحد من خلق الله قبلك فرأيت من نور ربي وحال بيني وبينه السبحة قلت: وما السبحة جعلت فداك؟ فأومى بوجهه إلى الأرض وأومأ بيده إلى السماء وهو يقول: جلال ربي جلال ربي ثلاث مرات.
أقول: السبحة الجلال كما فسر في الرواية، والسبحة ما يدل على تنزهه تعالى من خلقه ومرجعه إلى المعنى الأول، ومحصل ذيل الرواية أنه صلى الله عليه وآله وسلم رأى ربه برؤية آياته.
وفيه في قوله تعالى: " ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى " قال: في السماء السابعة.
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست