تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٢٧٥
إليه وانفضوا إليها وذلك أن كلا منهما سبب لانفضاض الناس إليه وتجمعهم عليه، ولذا ردد بينهما وقال: " تجارة أو لهوا " ولم يقل: تجارة ولهوا والضمير يصلح للرجوع إلى كل منهما لان اللهو في الأصل مصدر يجوز فيه الوجهان التذكير والتأنيث.
ولذا أيضا عد " ما عند الله " خيرا من كل منهما بحياله فقال: " من اللهو ومن التجارة " ولم يقل: من اللهو والتجارة.
وقوله: " قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين، أمر للنبي أن ينبههم على خطأهم فيما فعلوا - وما أفظعه - والمراد بما عند الله الثواب الذي يستعقبه سماع الخطبة والموعظة.
والمعنى قل لهم: ما عند الله من الثواب خير من اللهو ومن التجارة لان ثوابه تعالى خير حقيقي دائم غير منقطع، وما في اللهو والتجارة من الخير أمر خيالي زائل باطل وربما استتبع سخطه تعالى كما في اللهو.
وقيل: خير مستعمل في الآية مجردا عن معنى التفضيل كما في قوله تعالى: " أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار " يوسف: 39، وهو شائع في الاستعمال.
وفي الآية أعني قوله: " وإذا رأوا " التفات من الخطاب إلى الغيبة، والنكتة فيه تأكيد ما يفيده السياق من العتاب واستهجان الفعل بالاعراض عن تشريفهم بالخطاب وتركهم في مقام الغيبة لا يواجههم ربهم بوجهه الكريم.
ويلوح إلى هذا الاعراض قوله: " قل ما عند الله خير " حيث لم يشر إلى من يقول له، ولم يقل: قل لهم كما ذكرهم بضميرهم أولا من غير سبق مرجعه فقال: " وإذا رأوا " واكتفى بدلالة السياق.
وخير الرازقين من أسمائه تعالى الحسنى كالرزاق وقد تقدم الكلام في معنى الرزق فيما تقدم.
(بحث روائي) في الفقيه روي أنه كان بالمدينة إذا أذن المؤذن يوم الجمعة نادى مناد: حرم البيع لقول الله عز وجل: " يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ".
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»
الفهرست