تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٢٧٤
والمعنى: يا أيها الذين آمنوا إذا أذن لصلاة الجمعة يومها فجدوا في المشي إلى الصلاة واتركوا البيع وكل ما يشغلكم عنها.
وقوله: " ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون " حث وتحريض لهم لما أمر به من الصلاة وترك البيع.
قوله تعالى: " فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله " الخ، المراد بقضاء الصلاة إقامة صلاة الجمعة، والانتشار في الأرض التفرق فيها، وابتغاء فضل الله طلب الرزق نظرا إلى مقابلته ترك البيع في الآية السابقة لكن تقدم أن المراد ترك كل ما يشغل عن صلاة الجمعة، وعلى هذا فابتغاء فضل الله طلب مطلق عطيته في التفرق لطلب رزقه بالبيع والشرى، وطلب ثوابه بعيادة مريض والسعي في حاجة مسلم وزيارة أخ في الله، وحضور مجلس علم ونحو ذلك.
وقوله: " فانتشروا في الأرض " أمر واقع بعد الحظر فيفيد الجواز والإباحة دون الوجوب وكذا قوله: " وابتغوا، واذكروا ".
وقوله: " واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون " المراد بالذكر أعم من الذكر اللفظي فيشمل ذكره تعالى قلبا بالتوجه إليه باطنا، والفلاح النجاة من كل شقاء، وهو في المورد بالنظر إلى ما تقدم من حديث التزكية والتعليم وما في الآية التالية من التوبيخ والعتاب الشديد، الزكاة والعلم وذلك أن كثرة الذكر يفيد رسوخ المعنى المذكور في النفس وانتقاشه في الذهن فتنقطع به منابت الغفلة ويورث التقوى الديني الذي هو مظنة الفلاح قال تعالى:
" واتقوا الله لعلكم تفلحون " آل عمران: 200.
قوله تعالى: " وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما " الخ، الانفضاض - على ما ذكره الراغب - استعارة عن الانفضاض بمعنى انكسار الشئ وتفرق بعضه من بعض.
وقد اتفقت روايات الشيعة وأهل السنة على أنه ورد المدينة عير معها تجارة وذلك يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وآله وسلم قائم يخطب فضربوا بالطبل والدف لاعلام الناس فانفض أهل المسجد إليهم وتركوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم قائما يخطب فنزلت الآية. فالمراد باللهو استعمال المعازف وآلات الطرب ليجتمع الناس للتجارة، وضمير " إليها " راجع إلى التجارة لأنها كانت المقصودة في نفسها واللهو مقصود لأجلها، وقيل: الضمير لأحدهما كأنه قيل: انفضوا
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»
الفهرست