تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٢٤٢
وفسرت الآية بوجوه أخرى بعيده عن الفهم أغمضنا عنها.
وقوله: " واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون " أمر بالتقوى، وتوصيفه تعالى بالموصول والصلة لتعليل الحكم فإن من مقتضى الايمان بالله تقواه.
قوله تعالى: " يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك " الخ، تتضمن الآية حكم بيعة النساء المؤمنات للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد شرطت عليهن في " على أن لا تشركن " الخ، أمورا منها ما هو مشترك بين الصنفين: الرجال والنساء كالتحرز من الشرك ومن معصية الرسول في معروف ومنها ما هو أمس بهن من حيث أن تدبير المنزل بحسب الطبع إليهن وهن السبيل إلى حفظ عفة البيت والحصول على الأنسال وطهارة مواليدهم، وهي التجنب من السرقة والزنا وقتل الأولاد وإلحاق غير أولاد أزواجهن بهم، وإن كانت هذه الأمور بوجه من المشتركات.
فقوله: " يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك " شرط جوابه قوله: " فبايعهن واستغفر لهن الله ".
وقوله: " على أن لا يشركن بالله شيئا " أي من الأصنام والأوثان والأرباب، وهذا شرط لا غنى عنه لانسان في حال.
وقوله: " ولا يسرقن " أي لا من أزواجهن ولا من غيرهم وخاصة من أزواجهن كما يفيده السياق، وقوله: " ولا يزنين " أي باتخاذ الأخدان وغير ذلك وقوله: " ولا يقتلن أولادهن " بالوأد وغيره وإسقاط الأجنة.
وقوله: " ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن " وذلك بأن يحملن من الزنا ثم يضعنه وينسبنه إلى أزواجهن فإلحاقهن الولد كذلك بأزواجهن ونسبته إليهم كذبا بهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن لان الولد إذا وضعته أمة سقط بين يديها ورجليها، ولا يغني عن هذا الشرط شرط الاجتناب عن الزنا لأنهما متغايران وكل مستقل بالنهي والتحريم.
وقوله: " ولا يعصينك في معروف " نسب المعصية إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم دون الله مع أنها تنتهي إليه تعالى لان المراد أن لا يتخلفن بالمعصية عن السنة التي يستنها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وينفذها في المجتمع الاسلامي فيكون ما سنه هو المعروف عند المسلمين وفي المجتمع الاسلامي.
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 ... » »»
الفهرست