تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٢٤٤
من أتاك منا وهذه طينة الكتاب لم تجف بعد فنزلت الآية " يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات من دار الكفر إلى دار الاسلام فامتحنوهن ".
قال ابن عباس: امتحانهن أن يستحلفن ما خرجت من بغض زوج، ولا رغبة عن أرض إلى أرض، ولا التماس دنيا، وما خرجت إلا حبا لله ولرسوله فاستحلفها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما خرجت بغضا لزوجها، ولا عشقا لرجل منا، وما خرجت إلا رغبة في الاسلام فحلفت بالله الذي لا إله إلا هو على ذلك فأعطى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زوجها مهرها وما أنفق عليها ولم يردها عليه فتزوجها عمر بن الخطاب.
فكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرد من جاءه من الرجال ويحبس من جاءه من النساء إذا امتحن ويعطي أزواجهن مهورهن.
قال: قال الزهري: ولما نزلت هذه الآية وفيها قوله: " ولا تمسكوا بعصم الكوافر " طلق عمر بن الخطاب امرأتين كانتا له بمكة مشركتين: قرنية (1) بنت أبي أمية بن المغيرة فتزوجها بعده معاوية بن أبي سفيان وهما على شركهما بمكة، والأخرى أم كلثوم بنت عمرو بن جرول الخزاعية أم عبد الله بن عمر فتزوجها أبو جهم بن حذاقة بن غانم رجل من قومها وهما على شركهما.
وكانت عند طلحة بن عبيد الله أروى بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ففرق بينهما الاسلام حين نهى القرآن عن التمسك بعصم الكوافر، وكان طلحة قد هاجر وهي بمكة عند قومها كافرة ثم تزوجها في الاسلام بعد طلحة خالد بن سعيد بن العاص بن أمية وكانت ممن فرت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من نساء الكفار فحبسها وزوجها خالدا.
وأمية بنت بشر كانت عند الثابت بن الدحداحة ففرت منه - وهو يومئذ كافر - إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سهل بن حنيف فولدت عبد الله بن سهل.
قال: قال الشعبي: وكانت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم امرأة أبي العاص بن الربيع فأسلمت ولحقت بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة وأقام أبو العاص مشركا بمكة ثم أتى المدينة فآمنته زينب ثم أسلم فردها عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
قال: وقال الجبائي: لم يدخل في شرط صلح الحديبية إلا رد الرجال دون النساء ولم

(1) قريبة خ.
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»
الفهرست