تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٢٢٣
وإنما صدر الآيتين السابقتين بقوله: " الذي لا له هو " فوصف به " الله " وعقبه بالأسماء بخلاف هذه الآية إذ قال: " هو الله الخالق " الخ.
لان الأسماء الكريمة المذكورة في الآيتين السابقتين وهي أحد عشر اسما من لوازم الربوبية ومالكية التدبير التي تتفرع عليها الألوهية والمعبودية بالحق وهي على نحو الأصالة والاستقلال لله سبحانه وحده لا شريك له في ذلك فاتصافه تعالى وحده بها يستوجب اختصاص الألوهية واستحقاق المعبودية به تعالى.
فالأسماء الكريمة بمنزلة التعليل لاختصاص الألوهية به تعالى كأنه قيل لا إله إلا هو لأنه عالم الغيب والشهادة هو الرحمان الرحيم، ولذا أيضا ذيل هذه الأسماء بقوله ثناء عليه:
" سبحان الله عما يشركون " ردا على القول بالشركاء كما يقوله المشركون.
وأما قوله: " هو الله الخالق البارئ المصور " فالمذكور فيه من الأسماء يفيد معنى الخلق والايجاد واختصاص ذلك به تعالى لا يستوجب اختصاص الألوهية به كما يدل عليه أن الوثنيين قائلون باختصاص الخلق والايجاد به تعالى وهم مع ذلك يدعون من دونه أربابا وآلهة ويثبتون له شركاء.
وأما وقوع اسم الجلالة في صدر الآيات الثلاث جميعا فهو علم للذات المستجمع لجميع صفات الكمال يرتبط به ويجري عليه جميع الأسماء وفي التكرار مزيد تأكيد وتثبيت للمطلوب.
وقوله: " له الأسماء الحسنى " إشارة إلى بقية الأسماء الحسنى عن آخرها لكون الأسماء جمعا محلي باللام وهو يفيد العموم.
وقوله: " يسبح له ما في السماوات والأرض " أي جميع ما في العالم من المخلوقات حتى نفس السماوات والأرض وقد تقدم توضيح معنى الجملة مرارا.
ثم ختم الآيات بقوله: " وهو العزيز الحكيم " أي الغالب غير المغلوب الذي فعله متقن لا مجازفة فيه فلا يعجزه فيما شرعه ودعا إليه معصية العاصين ولا مشاقة المعاندين ولا يضيع عنده طاعة المطيعين وأجر المحسنين.
والعناية إلى ختم الكلام بالاسمين والإشارة بذلك إلى كون القرآن النازل من عنده كلام عزيز حكيم هو الذي دعا إلى تكرار اسمه العزيز وذكره مع الحكيم مع تقدم ذكره بين الأسماء.
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»
الفهرست