تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ١٠٧
وقوله: " لا تنفذون إلا بسلطان " أي لا تقدرون على النفوذ إلا بنوع من السلطة على ذلك وليس لكم والسلطان القدرة الوجودية، والسلطان البرهان أو مطلق الحجة، والسلطان الملك.
وقيل: المراد بالنفوذ المنفي في الآية النفوذ العلمي في السماوات والأرض من أقطارهما، وقد عرفت أن السياق لا يلائمه.
قوله تعالى: " يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران " الشواظ - على ما ذكره الراغب - اللهب الذي لا دخان فيه، ويقرب منه ما في المجمع أنه اللهب الأخضر المنقطع من النار، والنحاس الدخان وقال الراغب: هو اللهب بلا دخان والمعنى ظاهر.
وقوله: " فلا تنتصران " أي لا تتناصران بأن ينصر بعضكم بعضا لرفع البلاء والتخلص عن العناء لسقوط تأثير الأسباب ولا عاصم اليوم من الله.
قوله تعالى: " فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان " أي كانت حمراء كالدهان وهو الأديم الأحمر.
قوله تعالى: " فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان " الآية وما يتلوها من الآيات إلى آخر السورة تصف الحساب والجزاء تصف حال المجرمين والخائفين مقام ربهم وما ينتهي إليه.
ثم الآية تصف سرعة الحساب وقد قال تعالى: " والله سريع الحساب " النور: 39.
والمراد بيومئذ يوم القيامة، والسؤال المنفي هو النحو المألوف من السؤال، ولا ينافي نفي السؤال في هذه الآية إثباته في قوله: " وقفوهم إنهم مسؤلون " الصافات: 24، وقوله: " فوربك لنسألنهم أجمعين " الحجر: 92، لان اليوم ذو مواقف مختلفة يسأل في بعضها، ويختم على الأفواه في بعضها وتكلم الأعضاء، ويعرف بالسيماء في بعضها.
قوله تعالى: " يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والاقدام " في مقام الجواب عن سؤال مقدر كأنه قيل: فإذا لم يسألوا عن ذنبهم فما يصنع بهم؟ فأجيب بأنه يعرف المجرمون بسيماهم الخ، ولذا فصلت الجملة ولم يعطف، والمراد بسيماهم علامتهم البارزة في وجوههم.
وقوله: " فيؤخذ بالنواصي والاقدام " الكلام متفرع على المعرفة المذكورة، والنواصي
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»
الفهرست