تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ١٠٢
على الوجه، وهو إما لكونه وصفا مقطوعا عن الوصفية للمدح، والتقدير هو ذو الجلال والاكرام، وإما لان المراد بالوجه كما تقدم هو صفته الكريمة واسمه المقدس وإجراء الاسم على الاسم مآله إلى إجراء الاسم على الذات.
ومعنى الآية على تقدير أن يراد بالوجه ما يستقبل به الشئ غيره وهو الاسم - ومن المعلوم أن بقاء الاسم (1) فرع بقاء المسمى -: ويبقى ربك عز اسمه بما له من الجلال والاكرام من غير أن يؤثر فناؤهم فيه أثرا أو يغير منه شيئا.
وعلى تقدير أن يراد بالوجه ما يقصده به غيره ومصداقه كل ما ينتسب إليه تعالى فيكون مقصودا بنحو للمتوجه إليه كأنبيائه وأوليائه ودينه وثوابه وقربه وسائر ما هو من هذا القبيل فالمعنى: ويبقى بعد فناء أهل الدنيا ما هو عنده تعالى وهو من صقعه وناحيته كأنواع الجزاء والثواب والقرب منه، قال تعالى: " ما عندكم ينفد وما عند الله باق " النحل: 96.
وقد تقدم في تفسير قوله تعالى: " كل شئ هالك إلا وجهه " القصص: 88 من الكلام بعض ما لا يخلو من نفع في المقام.
قوله تعالى: " يسأله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن " سؤالهم سؤال حاجة فهم في حاجة من جميع جهاتهم إليه تعالى متعلقو الوجودات به متمسكون بذيل غناه وجوده، قال تعالى: " أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني " فاطر: 15، وقال في هذا المعنى من السؤال: " وآتاكم من كل ما سألتموه " إبراهيم: 34.
وقوله: " كل يوم هو في شأن " تنكير " شأن " للدلالة على التفرق والاختلاف فالمعنى:
كل يوم هو تعالى في شأن غير ما في سابقه ولاحقه من الشأن فلا يتكرر فعل من أفعاله مرتين ولا يماثل شأن من شؤونه شأنا آخر من جميع الجهات وإنما يفعل على غير مثال سابق وهو الابداع، قال تعالى: " بديع السماوات والأرض " البقرة: 117.
ومعنى ظرفية اليوم إحاطته تعالى في مقام الفعل على الأشياء فهو سبحانه في كل زمان وليس في زمان وفي كل مكان وليس في مكان ومع كل شئ ولا يداني شيئا.
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»
الفهرست