تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ١٠٩
وعبادته تعالى خوفا منه بهذا المعنى من الخوف خضوع له تعالى لأنه الله ذو الجلال والاكرام لا لخوف من عقابه ولا طمعا في ثوابه بل فيه إخلاص العمل لوجهه الكريم، وهذا المعنى من الخوف هو الذي وصف الله به المكرمين من ملائكته وهم معصومون آمنون من عقاب المخالفة وتبعة المعصية قال تعالى: " يخافون ربهم من فوقهم " النحل: 50.
فتبين مما تقدم أن الذين أشار إليهم بقوله: " ولمن خاف " أهل الاخلاص الخاضعون لجلاله تعالى العابدون له لأنه الله عز اسمه لا خوفا من عقابه ولا طمعا في ثوابه، ولا يبعد أن يكونوا هم الذين سموا سابقين في قوله: " وكنتم أزواجا ثلاثة - إلى أن قال - والسابقون السابقون أولئك المقربون " الواقعة: 11.
وقوله: " جنتان " قيل: إحداهما منزله ومحل زيارة أحبابه له والأخرى منزل أزواجه وخدمه، وقيل: بستانان بستان داخل قصره وبستان خارجه، وقيل: منزلان ينتقل من أحدهما إلى الآخر ليكمل به التذاذه، وقيل: جنة لعقيدته وجنة لعمله، وقيل: جنة لفعل الطاعات وجنة لترك المعاصي، وقيل: جنة جسمانية وجنة روحانية وهذه الأقوال - كما ترى - لا دليل على شئ منها.
وقيل: جنة يثاب بها وجنة يتفضل بها عليه، ويمكن أن يستشعر ذلك من قوله تعالى: " لهم ما يشاؤن فيها ولدينا مزيد " ق: 35، على ما مر في تفسيره.
قوله تعالى: " ذواتا أفنان " ذواتا تثنية ذات، و " أفنان " إما جمع فن بمعنى النوع والمعنى: ذواتا أنواع من الثمار ونحوها، وإما جمع فنن بمعنى الغصن الرطب اللين والمعنى:
ذواتا أغصان لينة أشجارهما.
قوله تعالى: " فيهما عينان تجريان " وقد أبهمت العينان وفيه دلالة على فخامة أمرهما.
قوله تعالى: " فيهما من كل فاكهة زوجان " أي صنفان قيل: صنف معروف لهم شاهدوه في الدنيا وصنف غير معروف لم يروه في الدنيا، وقيل: غير ذلك. ولا دلالة في الكلام على شئ من ذلك.
قوله تعالى: " متكئين على فرش بطائنها من استبرق " الخ، الفرش جمع فراش، والبطائن جمع بطانة وهي داخل الشئ وجوفه مقابل الظهائر جمع ظهارة، والاستبرق الحرير الغليظ قال في المجمع: ذكر البطانة ولم يذكر الظهارة لان البطانة تدل على أن لها ظهارة والبطانة دون الظهارة فدل على أن الظهارة فوق الاستبرق، انتهى.
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست