تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ١١٠
وقوله: " وجنا الجنتين دان " الجنا الثمر المجتنى و " دان " اسم فاعل من الدنو بمعنى القرب أي ما يجتنى من ثمار الجنتين قريب.
قوله تعالى: " فيهن قاصرات الطرف " إلى آخر الآية ضمير " فيهن " للفرش وجوز أن يرجع إلى الجنان فإنها جنان لكل واحد من أولياء الله منها جنتان، والطرف جفن العين، والمراد بقصور الطرف اكتفاؤهن بأزواجهن فلا يردن غيرهم.
وقوله: " لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان " الطمث الافتضاض والنكاح بالتدمية، والمعنى: لم يمسسهن بالنكاح إنس ولا جان قبل أزواجهن.
قوله تعالى: " كأنهن الياقوت والمرجان " أي في صفاء اللون والبهاء والتلألؤ.
قوله تعالى: " هل جزاء الاحسان إلا الاحسان " استفهام إنكاري في مقام التعليل لما ذكر من إحسانه تعالى عليهم بالجنتين وما فيهما من أنواع النعم والآلاء فيفيد أنه تعالى يحسن إليهم هذا الاحسان جزاء لاحسانهم بالخوف من مقام ربهم.
وتفيد الآية أن ما أوتوه من الجنة ونعيمها جزاء لاعمالهم وأما ما يستفاد من بعض الآيات أنهم يعطون فضلا وراء جزاء أعمالهم فلا تعرض في هذه الآيات لذلك إلا أن يقال:
الاحسان إنما يتم إذا كان يربو على ما أحسن به المحسن إليه فإطلاق الاحسان في قوله: " إلا الاحسان " يفيد الزيادة.
قوله تعالى: " ومن دونهما جنتان " ضمير التثنية للجنتين الموصوفتين في الآيات السابقة ومعنى: " من دونهما " أي أنزل درجة وأحط فضلا وشرفا منهما وإن كانتا شبيهتين بالجنتين السابقتين في نعمهما وآلائهما، وقد تقدم أن الجنتين السابقتين لأهل الاخلاص الخائفين مقام ربهم فهاتان الجنتان لمن دونهم من المؤمنين العابدين لله سبحانه خوفا من النار أو طمعا في الجنة وهم أصحاب اليمين.
وقيل: معنى " من دونهما " بالقرب منهما، ويستفاد من السياق حينئذ أن هاتين الجنتين أيضا لأهل الجنتين المذكورتين قبلا بل ادعى بعضهم أن هاتين الجنتين أفضل من السابقتين والصفات المذكورة فيهما أمدح.
وأنت بالتدبر فيما قدمناه في معنى لمن خاف مقام ربه وما يستفاد من كلامه تعالى أن أهل الجنة صنفان: المقربون أهل الاخلاص وأصحاب اليمين تعرف قوة الوجه السابق.
(١١٠)
مفاتيح البحث: الخوف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست