تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٣١٠
قيل: هما ملكان أنزلا لتعليم السحر ابتلاء من الله تعالى للناس وتمييزا بينه و بين المعجزة.
وقيل: رجلان سميا ملكين باعتبار صلاحهما، ويؤيده قراءة الملكين بالكسر.
وما روي أنهما مثلا بشرين وركب فيهما الشهوة، فتعرضا لامرأة يقال لها زهرة فحملتهما على المعاصي والشرك ثم صعدت إلى السماء بما تعلمت منهما - فمحكي عن اليهود.
وقيل: (ما انزل) نفي معطوف على ما كفر تكذيب لليهود في هذه القصة.
ببابل: ظرف، أو حال من الملكين، أو من الضمير في (انزل) والمشهور أنه بلد من سواد كوفة (1).
هروت ومروت: عطف بيان للملكين، ومنع صرفهما للعجمة والعلمية، ولو كانا من الهرت والمرت، وهو الكسر كما زعم بعضهم لانصرفا، ومن جعل (ما) نافية أبدلهما من الشياطين بدل البعض وما بينهما اعتراض، وقرئ بالرفع على تقديرهما هاروت وماروت.
وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر: فمعناه على الأول: ما يعلمان أحدا حتى يبينا له ويقولا له: إنما نحن ابتلاء من الله فمن تعلم منا وعمل به كفر، ومن تعلم وتوقى عمله ثبت على الايمان، فلا تكفر باعتقاد جوازه والعمل به، وعلى الثاني: ما يعلمانه حتى يقولا: إنا مفتونان فلا تكن مثلنا.
فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه: أي من السحر ما يكون

(١) بابل بكسر الباء: اسم ناحية منها الكوفة والحلة، ينسب إليها السحر والخمر، وقال أبو معشر:
الكلدانيون هم الذين كانوا ينزلون بابل في الزمن الأول، ويقال: إن أول من سكنها نوح (عليه السلام) وهو أول من عمرها، وكان قد نزلها بعقب الطوفان، فسار هو ومن خرج معه من السفينة إليها لطلب الدف ء فأقاموا بها وتناسلوا فيها وكثروا من بعد نوح وملكوا عليهم ملوكا وابتنوا بها المدائن، وقال أبو المنذر:
إن مدينة بابل كانت اثنى عشر فرسخا في مثل ذلك، ومدينة بابل بناها بيوراسب الجبار ولما استتم بناؤها جمع إليها كل من قدر عليه من العلماء وبنى لهم اثني عشر قصرا على عدد البروج وسماها بأسمائهم فلم تزل عامرة حتى كان الإسكندر وهو الذي خربها معجم البلدان: ج ١، في (بابل)، ص 309.
(٣١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 315 ... » »»
الفهرست