تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٣٠٩
روى العياشي بإسناده عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما هلك سليمان وضع إبليس السحر ثم كتبه في كتاب وطواه وكتب على ظهره: هذا ما وضع آصف بن برخيا للملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز العلم، من أراد كذا وكذا، فليقل كذا وكذا، ثم دفنه تحت السرير، ثم استأثره لهم، فقال الكافرون ما كان يغلبنا سليمان إلا بهذا، وقال المؤمنون: هو عبد الله ونبيه، فقال الله في كتابه (واتبعوا ما تتلوا) إلى آخره (1).
وما كفر سليمان: تكذيب لمن زعم ذلك، وعبر عن السحر بالكفر ليدل على أنه كفر، وأن من كان نبيا كان معصوما.
ولكن الشيطين كفروا: باستعماله.
وقيل: بما نسبوا إلى سليمان من السحر.
وقيل: عبر عن السحر بالكفر.
وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي (ولكن) بالتخفيف، ورفع (الشياطين) (2).
يعلمون الناس السحر: إغواء وإضلالا، والجملة حال عن الضمير في " كفروا ".
والمراد بالسحر ما يستعان في تحصيله بالتقرب إلى الشياطين مما لا يستقل به الانسان، وذلك لا يستتب إلا لمن يناسبه في الشرارة وخبث النفس، فإن التناسب شرط في التضام والتعاون، وبهذا تبين الساحر عن النبي. وأما ما يتعجب منه كما يفعله أصحاب الحيل بمعونة الآلات والأدوية، أو يريك صاحب خفة اليد فليس بسحر، وتسميته سحرا على التجوز، أو لما فيه من الدقة، لأنه في الأصل لما خفي سببه.
وما أنزل على الملكين: عطف على السحر، والمراد بهما واحد، والعطف لتغاير الاعتبار، أو لأنه أقوى منه، أو على (ما تتلوا)

(١) تفسير العياشي: ج ١، ص 52، ح 74.
(2) مجمع البيان: ج 1 - 2، ص 170.
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»
الفهرست