مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ٢١٩
اختلاف النجاسات في القوة والضعف والمجاري في السعة والضيق فحينئذ يرد عليه أنه إنما يتجه إذا كانت الأوامر الواردة بالنزح كل منها في مادة مخصوصة وليس كذلك بل أكثرها دال على العموم وأيضا على هذا الأوجه للجمع بين الروايات بحمل الأقل على الواجب والأوسط والأكثر على الأفضل وأما أن يجمع بينها بهذا النحو الذي ذكره أخيرا فلا حاجة إلى ما ذكره أولا والحاصل أن الجمع بين هذين الوجهين وجعل المجموع وجها واحد مما لا يحسن هذا وقد احتج على مختارنا من عدم النجاسة بالملاقاة بوجوه أخر أيضا ذكر بعضها العلامة في المنتهى منها أنها لو نجست لما طهرت والتالي باطل اتفاقا وللحرج فالمقدم مثله بيان الملازمة أنه لا طريق إلى التطهير حينئذ إلا النزح وإلا لزم إحداث مذهب ثالث وهو لا يصلح لذلك أما أولا فلانه لم يعهد في الشرع تطهير شئ بإعدام بعضه وأما ثانيا فلانه غالبا قد يسقط من الدلو الأخير إلى البئر فيلزم تنجيسها ولا ينفك المكلف من النزح وذلك ضرر عظيم وأيضا ينجس الدلو والرشا وجوانب البئر ونجاستها مانعة من حصول الطهارة ومنها أنه بجريانه من منابعه أشبه الماء الجاري ومنها أنه لو نجست كذلك لكان وقوع الكر من الماء المصاحب للنجاسة فيها موجبا لنجاسة جميع الماء والتالي ظاهر البطلان لان الملاقي للنجاسة إذا لم يتغير بها قبل وقوعه محكوم بطهارته فيمتنع نجاسته بغير منجس وبيان الملازمة إن ماء البئر بملاقاة النجاسة يقتضي نجاسة الماء الواقع لاستحالة أن يكون بعض الماء الواحد طاهرا وبعضه نجسا مع عدم التميز ومنها إن القول بنجاسة البئر بالملاقاة دون المصنع إذا كان كثيرا مما لا يجتمعان والثاني ثابت إجماعا فينتفي الأول بيان المنافاة أنه لا فرق بينه وبين البئر سوى المادة وهي مما يؤكد عدم نجاسته والجميع ضعيف لا يناسب بطريقتنا فالاعراض عنها أولى واحتج القائلون بالنجاسة بوجوه أيضا منها ما رواه التهذيب في باب تطهير المياه والاستبصار في باب البئر يقع فيه الكلب في الصحيح عن علي بن يقطين عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) قال سئلته عن البئر يقع فيها الحمامة أو الدجاجة أو الفارة أو الكلب أو الهرة فقال يجزيك أن تنزح منها دلاء فإن ذلك يطهرها إنشاء الله تعالى وجه الاستدلال أنه لو كان طاهرا قبل النزح لما صح قوله (عليه السلام) فإن ذلك يطهرها لان تحصيل الحاصل محال وفيه إن الطهارة لم يثبت كونها حقيقة شرعية في المعنى المصطلح وكثيرا ما تورد في الروايات بغير هذه المعنى ولو سلم فليحمل على المجاز جمعا بينه وبين الروايات المتقدمة إذا التأويل فيه أظهر فيها ولو سلم عدم الأظهرية فالترجيح أيضا معها لتأيدها بالأصل إلا أن يعارض بالشهرة وأيضا القايلون بالنجاسة لا يمكنهم العمل بظاهر هذه الرواية لأنه ليس من مذهبهم الاكتفاء في جميع هذه المذكورات بنزح دلاء كما سيجئ إنشاء الله تعالى ومنها ما رواه التهذيب في الباب المذكور والاستبصار في باب البئر يقع فيها الدم والكافي في باب البئر وما يقع فيها في الصحيح عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال كتبت إلى رجل أسأله أن يسأل أبا الحسن (عليه السلام) عن البئر يكون في المنزل للوضوء فتقطر فيها قطرات بول أو دم أو يسقط فيها شئ من عذرة كالبعر أو نحوها ما الذي يطهرها حتى يحل الوضوء منها للصلاة فوقع (عليه السلام) في كتابي بخطه ينزح منها دلاء وجه الاستدلال إن قوله (عليه السلام) بمنزلة إن طهرها بأن ينزح منها دلاء ليتطابق السؤال والجواب فلو كان طاهرا قبل لزوم تحصيل الحاصل كما مر وفيه أيضا مثل ما سبق بتمامه مع أنه يمكن المناقشة في كون قوله (عليه السلام) بهذه المنزلة إذ كثيرا ما لم ينبه على خطأ السايل ويجاب على ما هو الواقع وحديث التقرير والاغراء بالجهل مما لا يمكن التعويل عليه ومنها ما رواه التهذيب في باب حكم الجنابة والاستبصار في باب الجنب ينتهي إلى البئر والكافي في باب الوقت الذي يوجب التيمم في الحسن عن ابن أبي يعفور وعنبسة بن مصعب عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إذا أتيت البئر وأنت جنب ولم تجد دلوا ولا شيئا تغرف به فتيمم بالصعيد فإن رب الماء ورب الصعيد واحد ولا تقع على البئر ولا تفسد على القوم ماؤهم والاستدلال به من وجهين أحدهما من قوله (عليه السلام) ولا تفسد فإنه يدل على أنه لو وقع في الماء فسد الماء وظاهر الفساد النجاسة وثانيهما من الامر بالتيمم فإن التيمم مشروط بفقد الماء الطاهر فلو لم ينجس البئر بوقوعه لما فقد الماء الطاهر فلم يبح التيمم والجواب عن الأول إن الفساد أعم من النجاسة فيجوز أن يكون المراد به تغيره باختلاط الحماة والطين والتراب لا يقال قد حملتم الفساد في رواية ابن بزيع المتقدمة على النجاسة وها هنا تحملونه على غيرها وهو تحكم قلت كانت القرينة فيها موجودة كما لا يخفى وأيضا كان هناك في سياق النفي فيعم بخلافه ها هنا وعن الثاني بأنا لا نسلم اشتراط صحة التيمم بفقد الماء مطلقا بل يجوز أن يكون مثل هذه الاعذار أيضا من مشقة النزول في البئر وخوف الضرر وتغير الماء وخلطه بالحماة الموجب لنفرة الطباع وكذا وقوع الجنب الموجب لها مسوغة له ويريده ما رواه الكافي في الباب المذكور عن الحسين بن أبي العلاء قال سئلت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يمر بالركية وليس معه دلو قال ليس عليه أن ينزل الركية إن رب الماء هو رب الأرض فليتيمم حيث جوز التيمم للرجل مع أنه ليس فيه أنه جنب أو نجس ومنها الروايات الكثيرة المستفيضة المتضمنة للنزح كما سيجئ وشهرته بين الخاص والعام مع أنه لو لم ينجس بالملاقاة لما كان للنزح فايدة وأيضا في بعض منها الدلالة على عدم تجويز الوضوء والشرب قبل النزح والجواب إن انحصار الفائدة في النجاسة ممنوع لجواز أن يكون لطيب الماء وزوال النفرة والكراهة مع أن عدم معلومية الوجه لنا لا يدل على المطلب إذ عقولنا الضعيف لا سبيل لها إلى هذه الأمور والبعض الذي يدل ظاهرا على عدم جواز الوضوء والشرب قبل النزح يحمل على الكراهة جمعا بين الروايات سيما مع ما عرفت من القرينة الظاهرة على استحباب النزح من جهة الاختلاف العظيم الواقع في رواياته على أنه لو حمل
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336