مشارق الشموس (ط.ق) - المحقق الخوانساري - ج ١ - الصفحة ١٩١
المنقولة سابقا عن الكافي وفيه نظر لأن هذه الرواية إنما تدل على التنجس بالقطرة من الدم ومثل ما ذكره الشيخ لا يسمى قطرة وأيضا يرد على هذا الاستدلال أنه على تقدير تمامه إنما يدل على الدم فقط فإجرائه في غيره كما هو مختار المبسوط لابد له من دليل وسيجئ لهذا تتمة في بحث النجاسات إن شاء الله تعالى وأجيب عن استدلاله الأول بعدم إمكان التحرز بالمنع إن أريد معناه الظاهر وإن أريد به المشقة فربما يمنع أيضا ولو سلم فوصولها إلى حد يكون حرجا متيقنا في الدين غير مسلم واحتج القايلون بالنجاسة بأن القليل قابل للنجاسة والدم نجس وكذا غيره فيثبت التنجيس ولا يخفى أن هذا الاستدلال إنما كان متجها لو ثبت عموم تنجس القليل وقد ظهر مما سبق أنه ليس كذلك إذ غاية ما تدل عليه الروايات المتضمنة الحديث الكر الدالة بمفهومها على نجاسة القليل تنجسه بالملاقاة في الجملة وأما العموم فلا إذ لا عموم لمفهومها وما يقال إنه لو لم يكن عاما لخلي عن الفايدة التامة وهو غير جايز على الحكيم غير مسلم إذ وجود الفائدة التامة في المنطوق كاف والروايات الدالة بالمنطوق كانت مختصة ببعض الموارد ولا عموم لها أيضا وإنما كان التعدي إلى غير هذه الموارد باعتبار عدم القول بالفصل ولما وجد فيما نحن فيه القول بالفصل كان إجزاء الحكم فيه مشكلا فإن قلت صحيحة على المتقدمة في بحث نجاسة القليل المتضمنة لدخول الدجاجة التي تطأ العذرة في الماء ظاهرة في العموم قلت طهورها أيضا في العموم ممنوع لأن الماء في قول السائل ثم تدخل في الماء جنس معرف باللام وهو ليس في حد صيغ العموم بل إنما يحمل عليه في كلام الحكيم عند تقنين القوانين حيث لا عهد ولا تعارض لبعض الافراد حذرا عن اللغو وهاهنا ليس كذلك إذ السؤال عن دخول الدجاجة والحمامة قرينة على أن المراد المياه التي يتعارف كونها في الدور والمساكن من مياه الأواني والظروف وأشباهها فتأمل على أن تعميم الماء لا ينفع في مسئلتنا هذه إذ النافع فيها تعميم النجاسة كما لا يخفى لكن مع ذلك الأولى متابعة المشهور والاحتياط وبما نقلنا عن المبسوط ظهر أن الأولى أن يضم المصنف غير الدم أيضا من النجاسات إليه كأنه نظر إلى الاستبصار إذ فيه ذكر الدم فقط لكن الظاهر أنه أيضا لا اختصاص له بالدم بل يحتمل حمله على ما يوافق المبسوط احتمالا قريبا كما لا يخفى على الناظر فيه (وطهره بإلقاء كر عليه دفعة يزيل تغيره إن كان ولو لم يزله افتقر إلى كر آخر وهكذا) اعلم أنه لا يوجد في روايات أصحابنا رحمهم الله تعالى نص في تطهير المياه النجسة سوى رواية دالة على تطهير الجاري بعضه بعضا وكذا ماء الحمام كما سنذكر إن شاء الله تعالى فيما بعد والروايات المختصة بالبئر بل الظاهر من رواية الماء يطهر ولا يطهر المتقدمة عد إمكان تطهير الماء إلا أن يحمل على أنه لا يطهر بغيره لكن الأصحاب (ره) ذكروا وجوها لتطهير الماء كما سنشرح مفصلا إن شاء الله تعالى مع ما يتعلق بها من الأبحاث أما الماء القليل فإن كان نجاسته بالملاقاة فقط بدون تغير فذكروا أن من جملة مطهراته إلقاء كر عليه دفعة وإن كان نجاسته بالتغير فبإلقاء كر أيضا فإن زال تغيره به فلا حاجة إلى شئ آخر وإن لم يزل فلا بد من إلقاء كر آخر وهكذا ولا يخفى أنهم لم يوجبوا إلقاء الكر في زوال التغير بل لو أزيل بغير الماء أو بالماء القليل أو زال بنفسه كفى حينئذ إلقاء كر عليه وإن كان ظاهر بعض عباراتهم كعبارة المتن يوهم خلافه واستدلوا على تطهيره بإلقاء الكر بأن الماء الطاري لكونه كرا لا يقبل النجاسة والنجس مستهلك به فيطهر ولا يخفى ما فيه من الضعف لان مرادهم بالاستهلاك إن كان الاستهلاك حقيقة بمعنى انعدامه وفنائه فبطلانه ظاهر وإن كان الاستهلاك بحسب الحس والعرف ففيه أولا أنه ليس بمسلم خصوصا إذا كان القليل النجس أنقص من الكر بقليل وهو ظاهر وثانيا أنه لو سلم الاستهلاك الحسي فما الدليل على طهارته بذلك إذ الدليل لو تم لدل على الطهارة بالاستحالة كما سيجئ إن شاء الله تعالى مع أن الأصل بقاء النجاسة حتى يثبت مزيلها سيما على رأيهم من حجية الاستصحاب مطلقا وإذ قد عرفت ضعف الاستدلال فالذي يمكن أن يعول عليه في هذا الباب اتفاق الأصحاب إذ لم ينقل لاحد فيه خلاف ثم أن هاهنا أمورا لابد من التنبيه عليها الأول أنه هل يشترط في التطهير الامتزاج مع كر طاهر أو لا بل يكفي الاتصال به ذهب المحقق في المعتبر و العلامة في التذكرة والمصنف في الذكرى إلى عدم تطهيره بالاتصال والعلامة في التحرير والنهاية والمحقق الشيخ علي والشهيد الثاني رحمهم الله على الاكتفاء بالاتصال وفي المنتهى كالمتردد واحتج على الاكتفاء بالاتصال بوجوه الأول أن الاتفاق واقع على أن تطهير ما نقص عن الكر بإلقاء الكر عليه ولا شك أن المداخلة ممتنعة فالمعتبر إذن الاتصال الموجود هاهنا توضيحه أن حال إلقاء الكر عليه إما أن يلاقي جميع أجزائه ماء الكر وهو محال لامتناع التداخل إلا على القول بالجزء الذي لا يتجزى وهو باطل وعلى تقدير وجوده نقول إن كان المعتبر ملاقاة الجميع فلا بد لا أقل من حصول الظن بها في الطهارة ولا شك أنه لا ظن فيما نحن فيه بملاقاة الاجزاء بالأسر بل لا يبعد ادعاء الظن بل العلم بعدمها وأما أن لا يلاقي جميع الأجزاء بل بعضها فقط فلم يكن المطهر للبعض الاخر وصول الماء إليه بل مجرد اتصاله بما يصل إلى الماء ولا يخفى أن عند اتصاله بالكر أيضا هذا المعنى حاصل لان بعضه متصل بالكر والبعض الاخر متصل بذلك البعض فيجب أن يكون كافيا في التطهير الثاني إن الاجزاء الملاقية للكثير يطهر بمجرد الاتصال قطعا لطهورية الماء فتطهر الأجزاء المتصلة بذلك الاجزاء أيضا لاتصالها بالكثير الطاهر لان الاجزاء الأول صارت طاهرة وهي مع الكر المفروض أولا بمجموعهما كر طاهر والاجزاء الثواني متصلة بذلك المجموع وهكذا الثالث الأصل ويرد على الأول أنا نختار الثاني ونقول أن طهارة بعض الاجزاء باتصاله بما يصل إلى الماء لا يستلزم الاكتفاء بمطلق الاتصال لجواز
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة المصنف (قدس) 2
2 ترجمة الشارح (قدس) 3
3 كتاب الطهارة معنى الطهارة لغة 5
4 اشتراط النية في الطهارة 5
5 في وجوب الوضوء 5
6 بيان وجوب الوضوء لمس خط القرآن 11
7 وجوب غسل الجنابة للصلاة 15
8 في وجوب التيمم للصلاة 16
9 في بيان وجوب الطهارات لنفسها أو لغيرها 26
10 حكم امكان التوضؤ والغسل والتيمم قبل الوقت وعدم امكانه بعد الوقت 32
11 استحباب الوضوء للصلوات المندوبة 33
12 تنبيه في التسامح في أدلة السنن 34
13 استحباب غسل الجمعة 39
14 وقت غسل الجمعة 41
15 الأغسال المستحبة في شهر رمضان 43
16 استحباب غسل العيدين 44
17 في الأغسال المستحبة 44
18 في رافعية الغسل المندوب للحدث 47
19 في استحباب التيمم بدل الوضوء المستحب 50
20 موجبات الوضوء 51
21 موجبات الغسل 61
22 في وجوب الوضوء مع الأغسال الواجبة الا الجنابة 69
23 وجوب ستر العورة عن الناظر 70
24 حرمة استقبال القبلة واستدبارها 70
25 في المسح بالحجر 75
26 مستحبات التخلي 78
27 فيما يستحب حال التخلي 78
28 ما يستحب عند الاستنجاء 79
29 في كيفية الخرطات التسع 80
30 المكروهات في حال التخلي 81
31 في عدم اشتراط الاستنجاء في صحة الوضوء 86
32 في وجوب النية المشتملة على القربة عند الوضوء 88
33 في حكم المبطون والسلس والمستحاضة 91
34 في اشتراط قصد الإطاعة وعدمه 91
35 فيما لو نوى رفع حدث واستباحة صلاة بعينها 94
36 عدم صحة الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر 98
37 في بطلان لو نوى لكل عضو نية تامة 98
38 حكم البالغ في الوقت 100
39 في حد غسل الوجه 100
40 غسل الاذنين ومسحهما بدعة 107
41 في حد غسل اليدين 108
42 عند افتقار الطهارة إلى معين بأجرة 112
43 في حد مسح الرأس 112
44 في كراهة مسح جميع الرأس 118
45 وجوب مسح الرجلين 118
46 في عدم جواز المسح على حائل من خف وغيره الا لتقية أو ضرورة 125
47 في اشتراط الموالاة 127
48 سنن الوضوء 131
49 فيما لو شك في عدد الغسلات السابقة بنى على الأقل 138
50 فيما لو شك في الحدث والطهارة بنى على المتيقن 141
51 في تعدد الوضوء ولا يعلم محل المتروك 145
52 في زوال العذر في الوضوء 153
53 حصول الجنابة بانزال المني 156
54 حصول الجنابة بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع 160
55 حكم من لو وجد المني على ثوبه 162
56 فيما يحرم في حال الجنابة 164
57 في كيفية الغسل 168
58 في مستحبات الغسل 176
59 هل يكفى المسح كالدهن أم تجب الإفاضة 177
60 حكم ما لو أحدث في أثناء الغسل 179
61 درس: في الماء المطلق في اختلاط الماء الطاهر بالنجس وهي أربعة أقسام باعتبار اختلاف احكامها 185
62 أولا: الراكد دون الكر 185
63 ثانيا: في الماء الراكد الكثير 196
64 وثالثا: في الماء الجاري نابعا 205
65 في حكم ماء الغيث النازل كالنابع 211
66 رابعا: ماء البئر 215
67 في كيفية طهارة ماء البئر إذا وقع فيه شئ 220
68 فيما لو تغير ماء البئر 238
69 فيما لو اتصل ماء البئر بماء جارى طهرت 241
70 فيما إذا غارت البئر ثم عادت 244
71 في استحباب تباعد البئر عن البالوعة 246
72 في طهورية الماء المستعمل في الوضوء 247
73 طهارة الماء المستعمل في الاستنجاء 252
74 في حكم الماء المستعمل في إزالة النجاسات 254
75 الماء المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا 259
76 في طهارة الخمر بالخلية والمرق المتنجس بقليل الدم بالغليان 262
77 فيما لو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما 264
78 كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة 268
79 في سؤر غير مأكول اللحم 270
80 حرمة استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة 281
81 فيما إذا صلى بالمشتبه أعاد الصلاة في الوقت وخارجه 288
82 لا يشترط في التيمم عند اشتباه الانية اهراقها 292
83 حكم النجاسات وهي عشر البول والغائط 293
84 المني والدم من ذي النفس السائلة 301
85 الميتة من ذي النفس السائلة 309
86 الكلب والخنزير ولعابهما 321
87 المسكرات 326
88 تذنيب في استدلال العلامة على طهارة الخمر وجوابه 333
89 في حكم الفقاع 336