بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ١٢١
دينا وهبة الدين ممن عليه الدين جائز لأنه اسقاط الدين عنه وانه جائز في المشاع (وأما) حديث الكبة فيحتمل ان النبي عليه الصلاة والسلام وهب نصيبه منه واستوهب البقية من أصحاب الحقوق فوهبوا وسلموا الكل جملة وفي الحديث ما يدل عليه فإنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأسلمك الباقي وما كان هو عليه الصلاة والسلام ليخلف في وعده وهبة المشاع على هذا السبيل جائزة عندنا على أن ذلك كان هبة مشاع لا ينقسم من حيث المعنى لان كبة واحدة لو قسمت على الجم الغفير لا يصيب كلا منهم الا نزر حقير لا ينتفع به فكان في معنى مشاع لا ينقسم (وأما) حديث أسعد بن زرارة فحكاية حال يحتمل أنه وهب نصيبه وشريكاه وهبا نصيبهما منه وسموا الكل جملة وهذا جائز عندنا ويحتمل ان الانصباء كانت مقسومة مفرزة ويجوز أن يقال في مثل هذا بينهم إذا كانت الجملة متصلة بعضها ببعض كقرية بين جماعة انها تضاف إليهم وإن كانت أنصباؤهم مقسومة واحتمل بخلافه فلا يكون حجة مع الاحتمال لان حكاية الحال لا عموم له ولو قسم ما وهب وأفرزه ثم سلمه إلى الموهوب له جاز لان هبة المشاع عندنا منعقد موقوف نفاذه على القسمة والقبض بعد القسمة هو الصحيح إذ الشيوع لا يمنع ركن العقد ولا حكمه وهو الملك ولا سائر الشرائط الا القبض الممكن من التصرف فإذا قسم وقبض فقد زال المانع من النفاذ فينفذ وحديث الصديق رضي الله عنه لا يدل عليه فإنه قال لسيدتنا عائشة رضي الله عنها انى كنت نحلتك جداد عشرين وسقا من مالي وكان ذلك هبة المشاع فيما ينقسم لان النحل من ألفاظ ولو لم ينعقد لما فعله الصديق رضي الله عنه لأنه ما كان ليعقد عقدا باطلا فدل قول الصديق رضي الله عنه على انعقاد العقد في نفسه وتوقف حكمه على القسمة والقبض وهو عين مذهبنا والله عز وجل أعلم وكذلك لو وهب نصف داره من رجل ولم يسلم إليه ثم وهب منه النصف الآخر وسلم إليه جملة جاز لما قلنا ولو وهب منه نصف الدار وسلم إليه بنحلية الكل ثم وهب منه النصف الآخر وسلم لم تجز الهبة لان كل واحد منهما هبة المشاع وهبة المشاع فيما يقسم لا تنفذ الا بالقسمة والتسليم ويستوى فيه الجواب في هبة المشاع بين أن يكون من أجنبي أو من شريكه كل ذلك يجوز لقول جماعة من الصحابة رضي الله عنهم لا تجوز الهبة الا مقبوضة محوزة من غير فصل ولان المانع هو الشياع عند القبض وقد وجد وعلى هذا الخلاف صدقة المشاع فيما ينقسم أنه لا يجوز عندنا خلافا للشافعي رحمه الله (وجه) قوله إن الشياع لا يمنع حكم التصرف وهو الملك ولا شرطه وهو القبض ولا يمنع جوازه كالمفروض (ولنا) ان القبض شرط جواز الصدقة ومعنى القبض لا يتحقق في الشائع أو لا يتكامل فيه لما بينا في الهبة ولان التصديق تبرع كالهبة وتصحيحه في المشاع يصيرها عقد ضمان فيتغير المشروع على ما بينا في الهبة ولو وهب شيئا ينقسم من رجلين كالدار والدراهم والدنانير ونحوها وقبضاه لم يجز عند أبي حنيفة وجاز عند أبي يوسف ومحمد وأجمعوا على أنه لو وهب رجلان من واحد شيئا ينقسم وقبضه أنه يجوز فأبو حنيفة يعتبر الشيوع عند القبض وهما يعتبر انه عند العقد والقبض جميعا فلم يجوز أبو حنيفة هبة الواحد من اثنين لوجود الشياع وقت القبض وهما جوازها لأنه لم يوجد الشياع في الحالين بل وجد أحدهما دون الآخر وجوز واهبة الاثنين من واحد (أما) أبو حنيفة رحمه الله فلعدم الشيوع في وقت القبض (وأما) هما فلانعدامه في الحالين لأنه وجد عند العقد ولم يوجد عند القبض ومدار الخلاف بينهم على حرف وهو ان هبة الدار من رجلين تمليك كل الدار جملة أو تمليك من أحدهما والنصف من الآخر فعند أبي حنيفة تمليك النصف من أحدهما والنصف من الآخر فيكون هبة المشاع فيما ينقسم كأنه أفرد تمليك كل نصف من كل واحد منهما بعقد على حدة وعند هما هي تمليك الكل منهما لا تمليك النصف من هذا والنصف من ذلك فلا يكون تمليك الشائع فيجوز (وجه) قولهما ان العمل بموجب الصيغة هو الأصل وذلك فيما قلنا لان قوله وهبت هذه الدار كلها هبة كل الدار جملة منهما لا هبة النصف من أحدهما والنصف من الآخر لان ذلك توزيع وتفريق واللفظ لا يدل عليه ولا يجوز العدول عن موجب اللفظ لغة الا لضرورة الصحة وفي العدول عن ظاهر الصيغة ههنا فساد العقد بسبب الشيوع فوجب العمل بظاهر الصيغة وهو تمليك الكل منهما وموجب التمليك
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الكفالة 2
2 فصل وأما شرائط الكفالة 5
3 فصل وأما بيان حكم الكفالة 10
4 فصل وأما بيان ما يخرج به الكفيل عن الكفالة 11
5 فصل وأما رجوع الكفيل 13
6 فصل وأما ما يرجع به الكفيل 15
7 كتاب الحوالة 15
8 فصل وأما بيان حكم الحوالة 17
9 فصل وأما بيان ما يخرج به المحال عليه من الحوالة 18
10 فصل وأما بيان الرجوع 19
11 كتاب الوكالة 19
12 فصل وأما بيان ركن التوكيل 20
13 فصل وأما الشرائط فأنواع 20
14 فصل وأما بيان حكم التوكيل 24
15 فصل الوكيلان هل ينفرد أحدهما بالتصرف فيما وكلابه 36
16 فصل وأما بيان ما يخرج به الوكيل عن الوكالة 37
17 كتاب الصلح 39
18 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 40
19 فصل وأما الشرائط التي ترجع إلى المصالح عليه فأنواع 42
20 فصل وأما الذي يرجع إلى المصالح عنه فأنواع 48
21 فصل وأما بيان حكم الصلح الخ 53
22 فصل وأما بيان ما يبطل به الصلح 54
23 فصل وأما بيان حكم الصلح 55
24 كتاب الشركة 56
25 فصل وأما بيان جواز هذه الأنواع الثلاثة 57
26 فصل وأما بيان شرائط جواز هذه الأنواع 58
27 فصل وأما حكم الشركة 65
28 فصل وأما صفة عقد الشركة 77
29 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد الشركة 78
30 كتاب المضاربة فصل وأما ركن العقد الخ 79
31 فصل وأما شرائط الركن الخ 81
32 فصل وأما بيان حكم المضاربة 86
33 فصل وأما صفة هذا العقد 101
34 فصل وأما حكم اختلاف المضارب ورب المال 101
35 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد المضاربة 112
36 كتاب الهبة 115
37 فصل وأما الشرائط 118
38 فصل وأما حكم الهبة 127
39 كتاب الرهن فصل وأما الشرائط 135
40 فصل وأما حكم الرهن 145
41 فصل وأما الذي يتعلق بحال هلاك المرهون 154
42 فصل وأما شرائط كونه مضمونا عند الهلاك 155
43 فصل وأما حكم اختلاف الراهن والمرتهن 174
44 كتاب المزارعة 175
45 فصل وأما ركن المزارعة 176
46 فصل وأما الشرائط الخ 176
47 فصل وأما الذي يرجع إلى الزرع 177
48 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع 177
49 فصل وأما الذي يرجع إلى الخارج 177
50 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع فيه 178
51 فصل وأما الذي يرجع إلى ما عقد عليه 179
52 فصل وبيان هذه الجملة الخ 179
53 فصل وأما الذي يرجع إلى آلة المزارعة الخ 180
54 فصل وأما الذي يرجع إلى مدة المزارعة الخ 180
55 فصل وأما الشرائط المفسدة للمزارعة الخ 180
56 فصل وأما بيان حكم المزارعة الصحيحة 181
57 فصل وأما حكم المزارعة الفاسدة 182
58 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخ المزارعة الخ 183
59 فصل وأما الذي ينفسخ به عقد المزارعة 184
60 فصل وأما بيان حكم المزارعة المنفسخة الخ 184
61 كتاب المعاملة 185
62 فصل وأما الشرائط المفسدة للمعاملة 186
63 فصل وأما حكم المعاملة الصحيحة الخ 187
64 فصل وأما حكم المعاملة الفاسدة الخ 188
65 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخها 188
66 فصل وأما الذي ينفسح به عقد المعاملة 188
67 فصل وأما حكم المعاملة المنفسخة الخ 188
68 كتاب الشرب 188
69 كتاب الأراضي 192
70 كتاب المفقود 196
71 فصل وأما بيان ما يصنع بماله 196
72 فصل وأما حكم ماله الخ 197
73 كتاب اللقط فصل وأما بيان حاله 197
74 كتاب اللقطة فصل وأما بيان أحوالها الخ 200
75 فصل وأما بيان ما يصنع بها 200
76 كتاب الإباق فصل وأما بيان ما يصنع به 203
77 فصل وأما بيان حكم ماله 203
78 فصل وأما شرائط الاستحقاق الخ 204
79 فصل وأما بيان من يستحق عليه الخ 205
80 فصل وأما بيان قدر المستحق الخ 205
81 كتاب السباق فصل وأما شرائط جوازه الخ 206
82 كتاب الوديعة فصل وأما شرائط الركن الخ 207
83 فصل وأما بيان حكم العقد 207
84 فصل وأما بيان ما يغير حال المعقود عليه 211
85 كتاب العارية فصل وأما الشرائط التي يصير الركن بها إعارة الخ 214
86 فصل وأما بيان حكم العقد الخ 214
87 فصل وأما صفة الحكم الخ 216
88 فصل وأما بيان حال المستعار 217
89 فصل وأما بيان ما يوجب تغير حالها 218
90 كتاب الوقف والصدقة 218
91 فصل وأما شرائط الجواز 219
92 فصل وأما الذي يرجع إلى الموقوف الخ 220
93 فصل وأما حكم الوقف الجائز 220
94 وأما الصدقة الخ 221
95 كتاب الدعوى 221
96 فصل وأما الشرائط المصححة للدعوى 222
97 فصل وأما بيان حد المدعي والمدعى عليه 224
98 فصل وأما بيان حكم الدعوى وما يتصل بها 224
99 فصل وأما حجة المدعي والمدعى عليه 225
100 فصل وأما بيان كيفية اليمين 227
101 فصل وأما حكم أدائه 229
102 فصل وأما حكم الامتناع 230
103 فصل وأما بيان ما تندفع به الخصومة عن المدعى عليه 231
104 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين 232
105 فصل واما بيان ما يظهر به النسب 252
106 فصل وأما صفة النسب الثابت 255
107 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين الخ 255
108 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين في قدر الملك 259
109 فصل وأما بيان حكم الملك والحق ثابت الخ 263
110 كتاب الشهادة فصل وأما الشرائط الخ 266
111 فصل وأما بيان ما يلزم الشاهد الخ 282
112 فصل وأما بيان حكم الشهادة 282
113 كتاب الرجوع عن الشهادة 283