بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ٢٨٣
* (كتاب الرجوع عن الشهادة) * الكلام في هذا الكتاب في الأصل في موضع واحد وهو بيان حكم الرجوع عن الشهادة فنقول وبالله التوفيق الرجوع عن الشهادة يتعلق به حكمان أحدهما يرجع إلى مال الشاهد والثاني يرجع إلى نفسه أما الذي يرجع إلى ماله فهو وجوب الضمان والكلام فيه في ثلاثة مواضع في بيان سبب وجوب الضمان وفي بيان شرائط الوجوب وفي بيان مقدار الواجب اما الأول فسبب وجوب الضمان في هذا الباب إتلاف المال أو النفس بالشهادة لأن الضمان في الشرع إنما يجب اما بالالتزام أو بالاتلاف ولم يوجد الالتزام فيتعين الاتلاف فيها سببا لوجوب الضمان فان وقعت اتلافا انعقدت سببا لوجوب الضمان والا فلا وعلى هذا يخرج ما إذا شهدا على رجل بألف وقضى القاضي بشهادتهما ثم رجعا انهما يضمنان الألف لأنهما لما رجعا عن شهادتهما بعد القضاء تبين ان شهادتهما وقعت سببا إلى الاتلاف في حق المشهود عليه والتسبب إلى الاتلاف بمنزلة المباشرة في حق سببية وجوب الضمان كالاكراه على اتلاف المال وحفر البئر على قارعة الطريق ونحوه (فان قيل) لما رجعا عن شهادتهما تبين ان قضاء القاضي لم يصح فتبين ان المدعى أخذا المال بغير حق فلم لا يرده إلى المشهود عليه قبل له أنه بالرجوع لم يتبين بطلان القضاء لان الشاهد غير مصدق في الرجوع في حق القاضي والمشهود له لوجهين الأول أن الرجوع يحتمل الصدق والكذب والقضاء بالحق للمشهود به نفذ بدليل من حيث الظاهر وهو الشهادة الصادقة عند القاضي فلا ينتقض الثابت ظاهرا بالشك والاحتمال فبقي القضاء ما ضيا على الصحة والمدعى في يد المدعى كما كان والثاني أن الشاهد في الرجوع عن شهادته منهم في حق المشهود له لجواز أن المشهود عليه غره بمال أو غيره ليرجع عن شهادته فيظهر كذب المدعى في دعواه فلم يصدق في الرجوع في حق المشهود له للتهمة إذ التهمة كما تمنع قبول الشهادة تمنع صحة الرجوع عن الشهادة فلم يصح الرجع في حقه فلم ينقض القضاء ولا يترد المدعى من يده ومعنى التهمة لا يتوهم في المشهود عليه فصح الرجوع في حقه الا أنه لا يمكن اظهار الصحة في نقض القضاء والتوصل إلى عين المشهود به فيظهر في التوصل إلى بدله رعاية للجوانب كلها وإذا رجعا قبل القضاء لا يضمنان لان الشهادة لا تصير حجة الا بالقضاء فلا تقع تسبيبا إلى الاتلاف بدونه وعلى هذا إذا شهدا على رجل أنه طلق امرأته فقضى القاضي بشهادتهما ثم رجعا إن كان الطلاق بعد الدخول بأن كان الزوج مقرا بالدخول لا ضمان عليهما لانعدام الاتلاف لان المهر يجب بنفس العقد ويتأكد بالدخول لا بشهادتهما فلم تقع شهادتهما اتلافا فلم يجب الضمان وإن كان الطلاق قبل الدخول فقضى القاضي بنصف المهر بأن كان المهر مسمى أو بالمتعة بان لم يكن المهر مسمى ثم رجعا ضمنا ذلك للزوج لان شهادتهما وان لم توجب على الزوج شيئا من المهر لكنها أكدت الواجب لان الواجب قبل الدخول كان محتملا للسقوط بأن جاءت الفرقة من قبلها وبشهادتهما بالطلاق تأكد الواجب عليه على وجه لا يحتمل السقوط بعده أصلا فصارت شهادتهما مؤكدة للواجب والمؤكد للواجب بمنزلة الواجب في الشرع كالمحرم إذا أخذ صيدا فذبحه رجل في يده يجب الجزء على الآخذ ويرجع الآخذ بذلك على القتل لوقوع القتل منه تأكيدا للجزاء الواجب على المحرم إذ لولا ذبحه لاحتمل السقوط بالارسال فهو بالذبح أكد الواجب عليه فنزل المؤكد منه منزلة الواجب كذا هذا وعلى هذا إذا شهدا على رجل أنه أعتق عبدا أو أمة له وهو ينكر فقضى القاضي ثم رجعا يضمنان قيمة العبد أو الأمة لمولاه لأنهما بشهادتهما أتلفا عليه مالية العبد أو الأمة فيضمنان ويكون ولاؤه للمولى لان الاعتاق نفذ عليه والولاء لمن أعتق فان قيل هذا اتلاف بعوض وهو الولاء فلا يوجب الضمان قيل له الولاء لا يصلح عوضا لأنه ليس بمال وإنما هو من أسباب الإرث فكان هذا اتلافا بغير عوض فيوجب الضمان ولو شهدا على اقرار المولى أن هذه الأمة ولدت منه وهو منكر فقضى القاضي بذلك ثم رجعا فنقول هذا في الأصل لا يخلو من
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الكفالة 2
2 فصل وأما شرائط الكفالة 5
3 فصل وأما بيان حكم الكفالة 10
4 فصل وأما بيان ما يخرج به الكفيل عن الكفالة 11
5 فصل وأما رجوع الكفيل 13
6 فصل وأما ما يرجع به الكفيل 15
7 كتاب الحوالة 15
8 فصل وأما بيان حكم الحوالة 17
9 فصل وأما بيان ما يخرج به المحال عليه من الحوالة 18
10 فصل وأما بيان الرجوع 19
11 كتاب الوكالة 19
12 فصل وأما بيان ركن التوكيل 20
13 فصل وأما الشرائط فأنواع 20
14 فصل وأما بيان حكم التوكيل 24
15 فصل الوكيلان هل ينفرد أحدهما بالتصرف فيما وكلابه 36
16 فصل وأما بيان ما يخرج به الوكيل عن الوكالة 37
17 كتاب الصلح 39
18 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 40
19 فصل وأما الشرائط التي ترجع إلى المصالح عليه فأنواع 42
20 فصل وأما الذي يرجع إلى المصالح عنه فأنواع 48
21 فصل وأما بيان حكم الصلح الخ 53
22 فصل وأما بيان ما يبطل به الصلح 54
23 فصل وأما بيان حكم الصلح 55
24 كتاب الشركة 56
25 فصل وأما بيان جواز هذه الأنواع الثلاثة 57
26 فصل وأما بيان شرائط جواز هذه الأنواع 58
27 فصل وأما حكم الشركة 65
28 فصل وأما صفة عقد الشركة 77
29 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد الشركة 78
30 كتاب المضاربة فصل وأما ركن العقد الخ 79
31 فصل وأما شرائط الركن الخ 81
32 فصل وأما بيان حكم المضاربة 86
33 فصل وأما صفة هذا العقد 101
34 فصل وأما حكم اختلاف المضارب ورب المال 101
35 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد المضاربة 112
36 كتاب الهبة 115
37 فصل وأما الشرائط 118
38 فصل وأما حكم الهبة 127
39 كتاب الرهن فصل وأما الشرائط 135
40 فصل وأما حكم الرهن 145
41 فصل وأما الذي يتعلق بحال هلاك المرهون 154
42 فصل وأما شرائط كونه مضمونا عند الهلاك 155
43 فصل وأما حكم اختلاف الراهن والمرتهن 174
44 كتاب المزارعة 175
45 فصل وأما ركن المزارعة 176
46 فصل وأما الشرائط الخ 176
47 فصل وأما الذي يرجع إلى الزرع 177
48 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع 177
49 فصل وأما الذي يرجع إلى الخارج 177
50 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع فيه 178
51 فصل وأما الذي يرجع إلى ما عقد عليه 179
52 فصل وبيان هذه الجملة الخ 179
53 فصل وأما الذي يرجع إلى آلة المزارعة الخ 180
54 فصل وأما الذي يرجع إلى مدة المزارعة الخ 180
55 فصل وأما الشرائط المفسدة للمزارعة الخ 180
56 فصل وأما بيان حكم المزارعة الصحيحة 181
57 فصل وأما حكم المزارعة الفاسدة 182
58 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخ المزارعة الخ 183
59 فصل وأما الذي ينفسخ به عقد المزارعة 184
60 فصل وأما بيان حكم المزارعة المنفسخة الخ 184
61 كتاب المعاملة 185
62 فصل وأما الشرائط المفسدة للمعاملة 186
63 فصل وأما حكم المعاملة الصحيحة الخ 187
64 فصل وأما حكم المعاملة الفاسدة الخ 188
65 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخها 188
66 فصل وأما الذي ينفسح به عقد المعاملة 188
67 فصل وأما حكم المعاملة المنفسخة الخ 188
68 كتاب الشرب 188
69 كتاب الأراضي 192
70 كتاب المفقود 196
71 فصل وأما بيان ما يصنع بماله 196
72 فصل وأما حكم ماله الخ 197
73 كتاب اللقط فصل وأما بيان حاله 197
74 كتاب اللقطة فصل وأما بيان أحوالها الخ 200
75 فصل وأما بيان ما يصنع بها 200
76 كتاب الإباق فصل وأما بيان ما يصنع به 203
77 فصل وأما بيان حكم ماله 203
78 فصل وأما شرائط الاستحقاق الخ 204
79 فصل وأما بيان من يستحق عليه الخ 205
80 فصل وأما بيان قدر المستحق الخ 205
81 كتاب السباق فصل وأما شرائط جوازه الخ 206
82 كتاب الوديعة فصل وأما شرائط الركن الخ 207
83 فصل وأما بيان حكم العقد 207
84 فصل وأما بيان ما يغير حال المعقود عليه 211
85 كتاب العارية فصل وأما الشرائط التي يصير الركن بها إعارة الخ 214
86 فصل وأما بيان حكم العقد الخ 214
87 فصل وأما صفة الحكم الخ 216
88 فصل وأما بيان حال المستعار 217
89 فصل وأما بيان ما يوجب تغير حالها 218
90 كتاب الوقف والصدقة 218
91 فصل وأما شرائط الجواز 219
92 فصل وأما الذي يرجع إلى الموقوف الخ 220
93 فصل وأما حكم الوقف الجائز 220
94 وأما الصدقة الخ 221
95 كتاب الدعوى 221
96 فصل وأما الشرائط المصححة للدعوى 222
97 فصل وأما بيان حد المدعي والمدعى عليه 224
98 فصل وأما بيان حكم الدعوى وما يتصل بها 224
99 فصل وأما حجة المدعي والمدعى عليه 225
100 فصل وأما بيان كيفية اليمين 227
101 فصل وأما حكم أدائه 229
102 فصل وأما حكم الامتناع 230
103 فصل وأما بيان ما تندفع به الخصومة عن المدعى عليه 231
104 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين 232
105 فصل واما بيان ما يظهر به النسب 252
106 فصل وأما صفة النسب الثابت 255
107 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين الخ 255
108 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين في قدر الملك 259
109 فصل وأما بيان حكم الملك والحق ثابت الخ 263
110 كتاب الشهادة فصل وأما الشرائط الخ 266
111 فصل وأما بيان ما يلزم الشاهد الخ 282
112 فصل وأما بيان حكم الشهادة 282
113 كتاب الرجوع عن الشهادة 283