بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ٢٨٥
بالزنا وشهد آخران بالاحصان ثم رجعوا فالضمان على شهود الزنا على شهود الاحصان لان الاحصان شرط ولو شهدا انه قتل فلانا خطأ وقضى القاضي ثم رجعا ضمنا الدية لأنهما أتلفاها عليه وتكون في مالهما لان الشهادة منهما بمنزلة الاقرار منهما بالاتلاف والعاقلة لا تعقل الاقرار كما لو أقر صريحا ولهذا لو رجعا في حال المرض اعتبر اقرار بالدين حتى يقدم عليه دين الصحة كما في سائر الأقارير وكذا لو شهدا انه قطع يد فلان خطأ وقضى القاضي ثم رجعا ضمنا دية اليد لما قلنا وكذا لو شهدا عليه بالسرقة فقضى عليه بالقطع فقطعت يده ثم رجعا فقد روى أن شاهدين شهدا عند سيدنا علي كرم الله وجهه على رجل بالسرقة فقضى عليه بالقطع فقطعت يده ثم جاء الشاهدان بآخر فقالا أو همنا أن السارق هذا يا أمير المؤمنين فقال سيدنا علي رضي الله عنه لا أصدقكما على هذا وأغرمكما دية يد الأول ولو علمت أنكما تعمدتما لقطعت أيديكما وكان ذلك بمحضر من الصحابة ولم ينكر عليه أحد فكان اجماعا ولو شهد انه قتل فلانا عمدا فقضى القاضي وقتل ثم رجعا فعليهما الدية عندنا وعند الشافعي رحمه الله عليهما القصاص وعلى هذا الخلاف إذا شهدا انه قطع يد فلان (وجه) قول الشافعي رحمه الله ان شهادتهما وقعت قتلا تسبيبا لأنها تفضى إلى وجوب القصاص وانه يفضى إلى القتل فكانت شهادتهما تسبيبا إلى القتل والتسبيب في باب القصاص في معنى المباشرة كالاكراه على القتل (ولنا) أن نسلم أن الشهادة وقعت تسبيبا إلى القتل لكن وجوب القصاص يتعلق بالقتل مباشرة لا تسبيبا لان ضمان العدوان الوارد على حق العبد مقيد بالمثل شرعا ولا مماثلة بين القتل مباشرة وبين القتل تسبيبا بخلاف الاكراه على القتل لان القاتل هو المكره مباشرة لكن بيد المكروه وهو كالآلة والفعل المستعمل الآلة لا للآلة على ما عرف على أن ذلك وإن كان قتلا تسبيبا فهو مخصوص عن نصوص المماثلة فمن ادعى تخصيص الفرع يحتاج إلى الدليل وعلى هذا يخرج ما إذا شهدا على ولى القتيل أنه عفا عن القتل وقضى القاضي ثم رجعا انه لا ضمان عليهما في ظاهر الرواية لأنه لم يوجد منهما اتلاف المال ولا النفس لان شهادتهما قامت على العفو عن القصاص والقصاص ليس بمال ألا ترى أنه لو أكره رجلا على العفو عن القصاص فعفا لا يضمن المكره ولو كان القصاص مالا يضمن لان المكره يضمن بالاكراه على اتلاف المال وكذا من وجب له القصاص وهو مريض فعفا ثم مات في مرضه ذلك لا يعتبر من الثلث ولو كان مالا اعتبر من الثلث كما إذا تبرع في مرضه وعن أبي يوسف رحمه الله أنهما يضمنان الدية لولي القتيل لان شهادتهما اتلاف للنفس لان نفس القاتل تصير مملوكة لولي القتيل في حق القصاص فقد اتلفا بشهادتهما على المولى نفسا تساوى ألف دينار أو عشرة آلاف درهم فيضمنان وهذا غير سديد لأنا لا نسلم أن نفس القاتل تصير مملوكة لولي القتيل بل الثابت له ملك الفعل لا ملك المحل لان في المحل ما ينافي الملك لما علم في مسائل القصاص فلم تقع شهادتهما اتلاف النفس ولا اتلاف المال فلا يضمنان ولو شهدا أن هذا الغلام ابن هذا الرجل والأب يجحده فقضى القاضي بشهادتهما ثم رجعا لا يبطل النسب ولا ضمان على الشاهدين لانعدام اتلاف المال منهما (وأما) شرائط الوجوب فأنواع منها أن يكون الرجوع بعد القضاء فإن كان قبله لا يجب الضمان لما ذكرنا أن الركن في وجوب الضمان بالشهادة وقوع الشهادة اتلافا ولا تصير اتلافا الا إذا صارت حجة ولا تصير حجة الا بالقضاء فلا تصير اتلافا الا به (ومنها) مجلس القضاء فلا عبرة بالرجوع عند غير القاضي كما لا عبرة بالشهادة عند غيره حتى لو أقام المدعى عليه البينة على رجوعهما لا تقبل بينته كذا لا يمين عليهما إذا أنكر الرجوع الا إذا حكيا عند القاضي رجوعهما عند غيره فيعتبر رجوعهما لان ذلك بمنزلة انشاء رجوعهما عند القاضي فكان معتبرا (ومنها) أن يكون المتلف بالشهادة عين مال حتى لو كان منفعة لا يجب الضمان لان الأصل ان المنافع غير مضمونة بالاتلاف عندنا وعلى هذا يخرج ما إذا شهد أنه تزوج هذه المرأة بألف درهم ومهر مثلها ألفان وهي تنكر فقضى القاضي بالنكاح بألف درهم ثم رجعا لا يضمنان للمرأة شيئا لأنهما اتلفا عليها منفعة البضع والمنفعة ليست بعين مال حقيقة وإنما يعطى لها حكم الأموال بعارض عقد الإجارة وكذا لو ادعت امرأة على رجل أنه طلقها على ألف درهم والزوج ينكر فشهد شاهدان فقضى ثم رجعا لم يضمنا للزوج شيئا لأنهما بشهادتهما
(٢٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الكفالة 2
2 فصل وأما شرائط الكفالة 5
3 فصل وأما بيان حكم الكفالة 10
4 فصل وأما بيان ما يخرج به الكفيل عن الكفالة 11
5 فصل وأما رجوع الكفيل 13
6 فصل وأما ما يرجع به الكفيل 15
7 كتاب الحوالة 15
8 فصل وأما بيان حكم الحوالة 17
9 فصل وأما بيان ما يخرج به المحال عليه من الحوالة 18
10 فصل وأما بيان الرجوع 19
11 كتاب الوكالة 19
12 فصل وأما بيان ركن التوكيل 20
13 فصل وأما الشرائط فأنواع 20
14 فصل وأما بيان حكم التوكيل 24
15 فصل الوكيلان هل ينفرد أحدهما بالتصرف فيما وكلابه 36
16 فصل وأما بيان ما يخرج به الوكيل عن الوكالة 37
17 كتاب الصلح 39
18 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 40
19 فصل وأما الشرائط التي ترجع إلى المصالح عليه فأنواع 42
20 فصل وأما الذي يرجع إلى المصالح عنه فأنواع 48
21 فصل وأما بيان حكم الصلح الخ 53
22 فصل وأما بيان ما يبطل به الصلح 54
23 فصل وأما بيان حكم الصلح 55
24 كتاب الشركة 56
25 فصل وأما بيان جواز هذه الأنواع الثلاثة 57
26 فصل وأما بيان شرائط جواز هذه الأنواع 58
27 فصل وأما حكم الشركة 65
28 فصل وأما صفة عقد الشركة 77
29 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد الشركة 78
30 كتاب المضاربة فصل وأما ركن العقد الخ 79
31 فصل وأما شرائط الركن الخ 81
32 فصل وأما بيان حكم المضاربة 86
33 فصل وأما صفة هذا العقد 101
34 فصل وأما حكم اختلاف المضارب ورب المال 101
35 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد المضاربة 112
36 كتاب الهبة 115
37 فصل وأما الشرائط 118
38 فصل وأما حكم الهبة 127
39 كتاب الرهن فصل وأما الشرائط 135
40 فصل وأما حكم الرهن 145
41 فصل وأما الذي يتعلق بحال هلاك المرهون 154
42 فصل وأما شرائط كونه مضمونا عند الهلاك 155
43 فصل وأما حكم اختلاف الراهن والمرتهن 174
44 كتاب المزارعة 175
45 فصل وأما ركن المزارعة 176
46 فصل وأما الشرائط الخ 176
47 فصل وأما الذي يرجع إلى الزرع 177
48 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع 177
49 فصل وأما الذي يرجع إلى الخارج 177
50 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع فيه 178
51 فصل وأما الذي يرجع إلى ما عقد عليه 179
52 فصل وبيان هذه الجملة الخ 179
53 فصل وأما الذي يرجع إلى آلة المزارعة الخ 180
54 فصل وأما الذي يرجع إلى مدة المزارعة الخ 180
55 فصل وأما الشرائط المفسدة للمزارعة الخ 180
56 فصل وأما بيان حكم المزارعة الصحيحة 181
57 فصل وأما حكم المزارعة الفاسدة 182
58 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخ المزارعة الخ 183
59 فصل وأما الذي ينفسخ به عقد المزارعة 184
60 فصل وأما بيان حكم المزارعة المنفسخة الخ 184
61 كتاب المعاملة 185
62 فصل وأما الشرائط المفسدة للمعاملة 186
63 فصل وأما حكم المعاملة الصحيحة الخ 187
64 فصل وأما حكم المعاملة الفاسدة الخ 188
65 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخها 188
66 فصل وأما الذي ينفسح به عقد المعاملة 188
67 فصل وأما حكم المعاملة المنفسخة الخ 188
68 كتاب الشرب 188
69 كتاب الأراضي 192
70 كتاب المفقود 196
71 فصل وأما بيان ما يصنع بماله 196
72 فصل وأما حكم ماله الخ 197
73 كتاب اللقط فصل وأما بيان حاله 197
74 كتاب اللقطة فصل وأما بيان أحوالها الخ 200
75 فصل وأما بيان ما يصنع بها 200
76 كتاب الإباق فصل وأما بيان ما يصنع به 203
77 فصل وأما بيان حكم ماله 203
78 فصل وأما شرائط الاستحقاق الخ 204
79 فصل وأما بيان من يستحق عليه الخ 205
80 فصل وأما بيان قدر المستحق الخ 205
81 كتاب السباق فصل وأما شرائط جوازه الخ 206
82 كتاب الوديعة فصل وأما شرائط الركن الخ 207
83 فصل وأما بيان حكم العقد 207
84 فصل وأما بيان ما يغير حال المعقود عليه 211
85 كتاب العارية فصل وأما الشرائط التي يصير الركن بها إعارة الخ 214
86 فصل وأما بيان حكم العقد الخ 214
87 فصل وأما صفة الحكم الخ 216
88 فصل وأما بيان حال المستعار 217
89 فصل وأما بيان ما يوجب تغير حالها 218
90 كتاب الوقف والصدقة 218
91 فصل وأما شرائط الجواز 219
92 فصل وأما الذي يرجع إلى الموقوف الخ 220
93 فصل وأما حكم الوقف الجائز 220
94 وأما الصدقة الخ 221
95 كتاب الدعوى 221
96 فصل وأما الشرائط المصححة للدعوى 222
97 فصل وأما بيان حد المدعي والمدعى عليه 224
98 فصل وأما بيان حكم الدعوى وما يتصل بها 224
99 فصل وأما حجة المدعي والمدعى عليه 225
100 فصل وأما بيان كيفية اليمين 227
101 فصل وأما حكم أدائه 229
102 فصل وأما حكم الامتناع 230
103 فصل وأما بيان ما تندفع به الخصومة عن المدعى عليه 231
104 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين 232
105 فصل واما بيان ما يظهر به النسب 252
106 فصل وأما صفة النسب الثابت 255
107 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين الخ 255
108 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين في قدر الملك 259
109 فصل وأما بيان حكم الملك والحق ثابت الخ 263
110 كتاب الشهادة فصل وأما الشرائط الخ 266
111 فصل وأما بيان ما يلزم الشاهد الخ 282
112 فصل وأما بيان حكم الشهادة 282
113 كتاب الرجوع عن الشهادة 283