بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ٢٨٩
الرحمة أن الأثر حصل مضافا إلى الضرب دون الشهادتين لوجهين أحدهما أن الشهود لم يشهدوا على ضرب جارح لان الضرب الجارح غير مستحق في الجلد فلا يكون الجرح مضافا إلى شهادتهم والثاني أن الضرب مباشرة الاتلاف والشهادة تسبيب إليه وإضافة الأثر إلى المباشرة أولى من اضافته إلى التسبيب الا انه لا ضمان على بيت المال لان هذا ليس خطأ من القاضي ليكون عطاؤه في بيت المال لنوع تقصير منه ولا تقصير منه ولا تقصير من جهته ههنا فلا شئ على بيت المال هذا إذا رجعوا جميعا فاما إذا رجع واحد منهم فإن كان قبل القضاء يحدون جميعا عند أصحابنا الثلاثة وعند زفر يحد الراجع خاصة وجه قوله إن كلامهم وقع شهادة قذفا لكمال نصاب الشهادة وهو عدد الأربعة وإنما ينقلب قذفا بالرجوع لم يوجد الامن أحدهم فينقلب كلامه قذفا خاصة بخلاف ما إذا أشهد ثلاثة بالزنا انهم يحدون لان هناك نصاب الشهادة لم يكمل فوقع كلامهم من الابتداء قذفا (ولنا) ان كلامهم لا يصير شهادة الا بقرينة القضاء ألا ترى انها لا تصير حجة الا به فقبله يكون قذفا لا شهادة فكان ينبغي أن يقام الحد عليهم بالنص لوجود الرمي منهم الا انه لا يقام لاحتمال ان يصير شهادة بقرينة القضاء ولئلا يؤدى إلى سد باب الشهادة فإذا رجع أحدهم زال هذا المعنى فبقي كلامهم قذفا فيحدون وصار كما لو كان الشهود من الابتداء ثلاثة فإنهم يحدون لوقوع كلامهم قذفا كذا هذا وإن كان بعد القضاء قبل الامضاء فإنهم يحدون جميعا عندهما وعند محمد الراجع خاصة وجه قوله أن كلامهم وقع شهادة لاتصال القضاء به فلا ينقلب قذفا الا بالرجوع ولم يرجع الا واحد منهم فينقلب كلامه خاصة قذفا فلم يصح رجوعه في حق الباقين فبقي كلامهم شهادة فلا يحدون ولهما أن الامضاء في باب الحدود من القضاء بدليل ان عمى الشهود أوردتهم قبل القضاء كما يمنع من القضاء فبعده يمنع من الامضاء فكان رجوعه قبل الامضاء بمنزلة رجوعه قبل القضاء ولو رجع قبل القضاء يحدون جميعا بلا خلاف بين أصحابنا الثلاثة كذا إذا رجع بعد القضاء قبل الامضاء وإن كان بعد الامضاء فإن كان الحد جلدا يحد الراجع خاصة بالاجماع لان رجوعه صحيح في حقه خاصة لا في حق الباقين فانقلبت شهادته خاصة قذفا فيحد خاصة وإن كان الحد رجما ومات المقذوف بحد الراجع عند أصحابنا خلافا لزفر وقد مرت المسألة هذا حكم الحد فاما حكم الضمان فلا ضمان إذا كان رجوعه قبل القضاء أو بعده قبل الامضاء لما قلنا وأما بعد الامضاء فإن كان الحد جلد فلا شئ على الراجع من أرش السياط ولا من الدية ان مات عند أبي حنيفة رحمه الله وعندهما يجب وإن كان رجما غرم الراجع ربع الدية لان الثلاثة يحفظون ثلاثة أرباع الدية فكان التالف بشهادته الربع هذا إذا كان شهود الزنا أربعة فأما إذا كانوا خمسة فرجع واحد منهم فان القاضي يقيم الحد على المشهود عليه بما بقي من الشهود لان الأربعة نصاب تام يحفظون الحد على المشهود عليه وان أمضى الحد ثم رجع اثنان ضمنا ربع الدية ان مات المرجوم لان الثلاثة قاموا بثلاثة أرباع الحق فكان التالف بشهادتهما الربع فيضمنانه وان لم يمت فليس عليهما أرش للضرب عند أبي حنيفة وعندهما يجب وقد تقدمت المسألة والثاني وجوب التعزير في عموم الشهادات سوى الشهادة على الزنا بأن تعمد شهادة الزور وظهر عند القاضي باقرار لان قول الزور جناية ليس فيها فيما سوى القذف حد مقدر فتوجب التعزيز بلا خلاف بين أصحابنا وإنما اختلفوا في كيفية التعزيز قال أبو حنيفة عليه الرحمة تعزيره تشهير فينادى عليه في سوقه أو مسجد حيه ويحذر الناس منه فيقال هذا شاهد الزور فاحذروه وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله يضم إليه ضرب أسواط هذا إذا تاب فأما إذا لم يتب وأصر على ذلك بأن قال إني شهدت بالزور وأنا على ذلك قائم يعزر بالضرب بالاجماع احتجا بما روى عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه ضرب شاهد الزور وسخم وجهه ولان قول الزور من أكثر الكبائر وليس إليه فيما سوى القذف بالزنا حد مقدر فيحتاج إلى أبلغ الزواجر ولأبي حنيفة رحمه الله ما روى أن شريحا كان يشهر شاهد الزور ولا يعزره وكان لا تخفى قضاياه على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضوان الله تعالى عليهم ولم ينقل انه أنكر عليه منكر ولان الكلام فيمن أقر انه
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الكفالة 2
2 فصل وأما شرائط الكفالة 5
3 فصل وأما بيان حكم الكفالة 10
4 فصل وأما بيان ما يخرج به الكفيل عن الكفالة 11
5 فصل وأما رجوع الكفيل 13
6 فصل وأما ما يرجع به الكفيل 15
7 كتاب الحوالة 15
8 فصل وأما بيان حكم الحوالة 17
9 فصل وأما بيان ما يخرج به المحال عليه من الحوالة 18
10 فصل وأما بيان الرجوع 19
11 كتاب الوكالة 19
12 فصل وأما بيان ركن التوكيل 20
13 فصل وأما الشرائط فأنواع 20
14 فصل وأما بيان حكم التوكيل 24
15 فصل الوكيلان هل ينفرد أحدهما بالتصرف فيما وكلابه 36
16 فصل وأما بيان ما يخرج به الوكيل عن الوكالة 37
17 كتاب الصلح 39
18 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 40
19 فصل وأما الشرائط التي ترجع إلى المصالح عليه فأنواع 42
20 فصل وأما الذي يرجع إلى المصالح عنه فأنواع 48
21 فصل وأما بيان حكم الصلح الخ 53
22 فصل وأما بيان ما يبطل به الصلح 54
23 فصل وأما بيان حكم الصلح 55
24 كتاب الشركة 56
25 فصل وأما بيان جواز هذه الأنواع الثلاثة 57
26 فصل وأما بيان شرائط جواز هذه الأنواع 58
27 فصل وأما حكم الشركة 65
28 فصل وأما صفة عقد الشركة 77
29 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد الشركة 78
30 كتاب المضاربة فصل وأما ركن العقد الخ 79
31 فصل وأما شرائط الركن الخ 81
32 فصل وأما بيان حكم المضاربة 86
33 فصل وأما صفة هذا العقد 101
34 فصل وأما حكم اختلاف المضارب ورب المال 101
35 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد المضاربة 112
36 كتاب الهبة 115
37 فصل وأما الشرائط 118
38 فصل وأما حكم الهبة 127
39 كتاب الرهن فصل وأما الشرائط 135
40 فصل وأما حكم الرهن 145
41 فصل وأما الذي يتعلق بحال هلاك المرهون 154
42 فصل وأما شرائط كونه مضمونا عند الهلاك 155
43 فصل وأما حكم اختلاف الراهن والمرتهن 174
44 كتاب المزارعة 175
45 فصل وأما ركن المزارعة 176
46 فصل وأما الشرائط الخ 176
47 فصل وأما الذي يرجع إلى الزرع 177
48 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع 177
49 فصل وأما الذي يرجع إلى الخارج 177
50 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع فيه 178
51 فصل وأما الذي يرجع إلى ما عقد عليه 179
52 فصل وبيان هذه الجملة الخ 179
53 فصل وأما الذي يرجع إلى آلة المزارعة الخ 180
54 فصل وأما الذي يرجع إلى مدة المزارعة الخ 180
55 فصل وأما الشرائط المفسدة للمزارعة الخ 180
56 فصل وأما بيان حكم المزارعة الصحيحة 181
57 فصل وأما حكم المزارعة الفاسدة 182
58 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخ المزارعة الخ 183
59 فصل وأما الذي ينفسخ به عقد المزارعة 184
60 فصل وأما بيان حكم المزارعة المنفسخة الخ 184
61 كتاب المعاملة 185
62 فصل وأما الشرائط المفسدة للمعاملة 186
63 فصل وأما حكم المعاملة الصحيحة الخ 187
64 فصل وأما حكم المعاملة الفاسدة الخ 188
65 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخها 188
66 فصل وأما الذي ينفسح به عقد المعاملة 188
67 فصل وأما حكم المعاملة المنفسخة الخ 188
68 كتاب الشرب 188
69 كتاب الأراضي 192
70 كتاب المفقود 196
71 فصل وأما بيان ما يصنع بماله 196
72 فصل وأما حكم ماله الخ 197
73 كتاب اللقط فصل وأما بيان حاله 197
74 كتاب اللقطة فصل وأما بيان أحوالها الخ 200
75 فصل وأما بيان ما يصنع بها 200
76 كتاب الإباق فصل وأما بيان ما يصنع به 203
77 فصل وأما بيان حكم ماله 203
78 فصل وأما شرائط الاستحقاق الخ 204
79 فصل وأما بيان من يستحق عليه الخ 205
80 فصل وأما بيان قدر المستحق الخ 205
81 كتاب السباق فصل وأما شرائط جوازه الخ 206
82 كتاب الوديعة فصل وأما شرائط الركن الخ 207
83 فصل وأما بيان حكم العقد 207
84 فصل وأما بيان ما يغير حال المعقود عليه 211
85 كتاب العارية فصل وأما الشرائط التي يصير الركن بها إعارة الخ 214
86 فصل وأما بيان حكم العقد الخ 214
87 فصل وأما صفة الحكم الخ 216
88 فصل وأما بيان حال المستعار 217
89 فصل وأما بيان ما يوجب تغير حالها 218
90 كتاب الوقف والصدقة 218
91 فصل وأما شرائط الجواز 219
92 فصل وأما الذي يرجع إلى الموقوف الخ 220
93 فصل وأما حكم الوقف الجائز 220
94 وأما الصدقة الخ 221
95 كتاب الدعوى 221
96 فصل وأما الشرائط المصححة للدعوى 222
97 فصل وأما بيان حد المدعي والمدعى عليه 224
98 فصل وأما بيان حكم الدعوى وما يتصل بها 224
99 فصل وأما حجة المدعي والمدعى عليه 225
100 فصل وأما بيان كيفية اليمين 227
101 فصل وأما حكم أدائه 229
102 فصل وأما حكم الامتناع 230
103 فصل وأما بيان ما تندفع به الخصومة عن المدعى عليه 231
104 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين 232
105 فصل واما بيان ما يظهر به النسب 252
106 فصل وأما صفة النسب الثابت 255
107 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين الخ 255
108 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين في قدر الملك 259
109 فصل وأما بيان حكم الملك والحق ثابت الخ 263
110 كتاب الشهادة فصل وأما الشرائط الخ 266
111 فصل وأما بيان ما يلزم الشاهد الخ 282
112 فصل وأما بيان حكم الشهادة 282
113 كتاب الرجوع عن الشهادة 283