بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ٢١١
المودع بعد الصلح وان لم يصطلحا وادعى كل واحد منهما ان الألف له لا يدفع إلى أحدهما شيئا لجهالة المقر له بالوديعة ولكل واحد منهما ان يستحلف المودع فان استحلفه كل واحد منهما فالامر لا يخلو اما أن يحلف لكل واحد منهما واما أن ينكل لكل واحد منهما واما ان يحلف لاحد هما وينكل للآخر فان حلف لهما فقد انقطعت خصومتهما للحال إلى وقت إقامة البينة كما في سائر الأحكام وهل يملكان الاصطلاح على أخذ الألف بينهما بعد الاستحلاف فهو على الاختلاف المعروف بين أبي حنيفة وأبى يوسف وبين محمد على قولهما لا يملكان وعلى قول محمد يملكان وهي مسألة الصلح بعد الحلف وقد مرت في كتاب الصلح وان نكل لهما يقضى بالألف بينهما نصفين ويضمن ألفا أخرى بينهما فيحصل لكل واحد منهما الف كاملة لان كل واحد منهما يدعى ان كل الألف له فإذا نكل له والنكول بذل أو اقرار فكأنه بذل لكل واحد منهما ألفا أو أقر لكل واحد منهما فيقضى عليه بينهما بألف ويضمن أيضا ألفا أخرى تكون بينهما ليحصل لكل واحد منهما ألف كاملة ولو حلف لأحدهما ونكل للاخر قضى بالألف للذي نكل له ولا شئ للذي حلف له لان النكول حجة من نكل له لا حجة من حلف له ومنها وجوب الأداء إلى المالك لان الله امر بأداء الأمانات إلى أهلها مالكها حتى لو ردها إلى منزل المالك فجعلها فيه أو دفعها إلى من في عيال المالك دخلت في ضمانه حتى لو ضاعت يضمن بخلاف العارية فان المستعير لوجاء بمتاع العارية وألقاها في دار المغير أو جاء بالدابة فأدخلها في إصطبله كان ردا صحيحا لان ظاهر النص الذي تلونا أن لا يصح الا انها صارت مخصوصة عن عموم الآيات فبقيت الوديعة على ظاهره ولان القياس في الموضعين ما ذكرنا من لزوم الرد إلى المالك الا انا استحسنا في العارية للعادة الجارية فيها بردها إلى بيت المالك أو بدفعها إلى من في عياله حتى لو كانت العارية شيئا نفيسا كعقد جوهر ونحو ذلك لا يصح الرد لانعدام جريان العادة بذلك بذلك في الأشياء النفيسة ولم تجربه العادة في مال الوديعة فتبقى على أصل القياس ولان مبنى الايداع على الستر والاغفاء عادة فان الانسان إنما يودع مال غيره سرا عن الناس لما يتعلق به من المصلحة فلو رده على غير المالك لا نكشف إذ السر إذا جاوز اثنين يفشو فيفوت المعنى المجعول له الايداع بخلاف العارية لان مبناها على الا علان والاظهار لأنها شرعت لحاجة المستعير إلى استعمالها في حوائجه ولا يمكنه الاستعمال سرا عن الناس عادة والرد إلى غير المالك لا يفوت ما شرع له العارية فهو الفرق ومنها انه إذا ضاعت في يد المودع بغير صنعه لا يضمن لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ليس على المستعير غير المغل الضمان ولا على المستودع غير المغل الضمان ولان يده يد المالك فالهلاك في يده كالهلاك في يد المالك وكذلك إذا دخلها نقص لان النقصان هلاك بعض الوديعة وهلاك الكل لا يوجب الضمان فهلاك البعض أولى ومنها ان المودع مع المودع إذا اختلفا فقال المودع هلكت أو قال رددتها إليك وقال المالك بل استهلكتها فالقول قول المودع لان المالك يدعى على الأمين أمرا عارضا وهو التعدي المودع مستصحب لحال الأمانة فكان متمسكا بالأصل فكان القول قوله لكن مع اليمين لان التهمة قائمة فيستحلف دفعا للتهمة وكذلك إذا قال المودع استهلكت من غير اذني وقال المودع بل استهلكتها أنت أو غيرك بأمرك أن القول قول المودع لما قلنا ولو قال إنها قد ضاعت ثم قال بعد ذلك بل كنت رددتها إليك لكني أوهمت لم يصدق وهو ضامن لأنه نفى الرد بدعوى الهلاك ونفى الهلاك بدعوى الرد فصار نافيا ما أثبته مثبتا ما نفاه وهذا تناقض فلا تسمع منه دعوى الضياع والرد لان المناقض لاقول له ولأنه لما ادعى دعوتين وأكذب نفسه في كل واحدة منهما فقد ذهبت أمانته فلا يقبل قوله (فصل) وأما بيان ما يغير حال المعقود عليه من الأمانة إلى الضمان فأنواع منها ترك الحفظ لأنه بالعقد التزم حفظ الوديعة على وجه لو ترك حفظها حتى هلكت يضمن بدلها وذلك بطريق الكفالة ولهذا لو رأى انسانا يسرق الوديعة وهو قادر على منعه ضمن لترك الحفظ الملتزم بالعقد وهو معنى قول مشايخنا ان المودع يؤخذ بضمان العقد ومنها ترك الحفظ للمالك بان خالفه في الوديعة بأن كانت الوديعة ثوبا فلبسه أو دابة فركبها أو عبدا فاستعمله أو أودعها من ليس في
(٢١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الكفالة 2
2 فصل وأما شرائط الكفالة 5
3 فصل وأما بيان حكم الكفالة 10
4 فصل وأما بيان ما يخرج به الكفيل عن الكفالة 11
5 فصل وأما رجوع الكفيل 13
6 فصل وأما ما يرجع به الكفيل 15
7 كتاب الحوالة 15
8 فصل وأما بيان حكم الحوالة 17
9 فصل وأما بيان ما يخرج به المحال عليه من الحوالة 18
10 فصل وأما بيان الرجوع 19
11 كتاب الوكالة 19
12 فصل وأما بيان ركن التوكيل 20
13 فصل وأما الشرائط فأنواع 20
14 فصل وأما بيان حكم التوكيل 24
15 فصل الوكيلان هل ينفرد أحدهما بالتصرف فيما وكلابه 36
16 فصل وأما بيان ما يخرج به الوكيل عن الوكالة 37
17 كتاب الصلح 39
18 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 40
19 فصل وأما الشرائط التي ترجع إلى المصالح عليه فأنواع 42
20 فصل وأما الذي يرجع إلى المصالح عنه فأنواع 48
21 فصل وأما بيان حكم الصلح الخ 53
22 فصل وأما بيان ما يبطل به الصلح 54
23 فصل وأما بيان حكم الصلح 55
24 كتاب الشركة 56
25 فصل وأما بيان جواز هذه الأنواع الثلاثة 57
26 فصل وأما بيان شرائط جواز هذه الأنواع 58
27 فصل وأما حكم الشركة 65
28 فصل وأما صفة عقد الشركة 77
29 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد الشركة 78
30 كتاب المضاربة فصل وأما ركن العقد الخ 79
31 فصل وأما شرائط الركن الخ 81
32 فصل وأما بيان حكم المضاربة 86
33 فصل وأما صفة هذا العقد 101
34 فصل وأما حكم اختلاف المضارب ورب المال 101
35 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد المضاربة 112
36 كتاب الهبة 115
37 فصل وأما الشرائط 118
38 فصل وأما حكم الهبة 127
39 كتاب الرهن فصل وأما الشرائط 135
40 فصل وأما حكم الرهن 145
41 فصل وأما الذي يتعلق بحال هلاك المرهون 154
42 فصل وأما شرائط كونه مضمونا عند الهلاك 155
43 فصل وأما حكم اختلاف الراهن والمرتهن 174
44 كتاب المزارعة 175
45 فصل وأما ركن المزارعة 176
46 فصل وأما الشرائط الخ 176
47 فصل وأما الذي يرجع إلى الزرع 177
48 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع 177
49 فصل وأما الذي يرجع إلى الخارج 177
50 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع فيه 178
51 فصل وأما الذي يرجع إلى ما عقد عليه 179
52 فصل وبيان هذه الجملة الخ 179
53 فصل وأما الذي يرجع إلى آلة المزارعة الخ 180
54 فصل وأما الذي يرجع إلى مدة المزارعة الخ 180
55 فصل وأما الشرائط المفسدة للمزارعة الخ 180
56 فصل وأما بيان حكم المزارعة الصحيحة 181
57 فصل وأما حكم المزارعة الفاسدة 182
58 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخ المزارعة الخ 183
59 فصل وأما الذي ينفسخ به عقد المزارعة 184
60 فصل وأما بيان حكم المزارعة المنفسخة الخ 184
61 كتاب المعاملة 185
62 فصل وأما الشرائط المفسدة للمعاملة 186
63 فصل وأما حكم المعاملة الصحيحة الخ 187
64 فصل وأما حكم المعاملة الفاسدة الخ 188
65 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخها 188
66 فصل وأما الذي ينفسح به عقد المعاملة 188
67 فصل وأما حكم المعاملة المنفسخة الخ 188
68 كتاب الشرب 188
69 كتاب الأراضي 192
70 كتاب المفقود 196
71 فصل وأما بيان ما يصنع بماله 196
72 فصل وأما حكم ماله الخ 197
73 كتاب اللقط فصل وأما بيان حاله 197
74 كتاب اللقطة فصل وأما بيان أحوالها الخ 200
75 فصل وأما بيان ما يصنع بها 200
76 كتاب الإباق فصل وأما بيان ما يصنع به 203
77 فصل وأما بيان حكم ماله 203
78 فصل وأما شرائط الاستحقاق الخ 204
79 فصل وأما بيان من يستحق عليه الخ 205
80 فصل وأما بيان قدر المستحق الخ 205
81 كتاب السباق فصل وأما شرائط جوازه الخ 206
82 كتاب الوديعة فصل وأما شرائط الركن الخ 207
83 فصل وأما بيان حكم العقد 207
84 فصل وأما بيان ما يغير حال المعقود عليه 211
85 كتاب العارية فصل وأما الشرائط التي يصير الركن بها إعارة الخ 214
86 فصل وأما بيان حكم العقد الخ 214
87 فصل وأما صفة الحكم الخ 216
88 فصل وأما بيان حال المستعار 217
89 فصل وأما بيان ما يوجب تغير حالها 218
90 كتاب الوقف والصدقة 218
91 فصل وأما شرائط الجواز 219
92 فصل وأما الذي يرجع إلى الموقوف الخ 220
93 فصل وأما حكم الوقف الجائز 220
94 وأما الصدقة الخ 221
95 كتاب الدعوى 221
96 فصل وأما الشرائط المصححة للدعوى 222
97 فصل وأما بيان حد المدعي والمدعى عليه 224
98 فصل وأما بيان حكم الدعوى وما يتصل بها 224
99 فصل وأما حجة المدعي والمدعى عليه 225
100 فصل وأما بيان كيفية اليمين 227
101 فصل وأما حكم أدائه 229
102 فصل وأما حكم الامتناع 230
103 فصل وأما بيان ما تندفع به الخصومة عن المدعى عليه 231
104 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين 232
105 فصل واما بيان ما يظهر به النسب 252
106 فصل وأما صفة النسب الثابت 255
107 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين الخ 255
108 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين في قدر الملك 259
109 فصل وأما بيان حكم الملك والحق ثابت الخ 263
110 كتاب الشهادة فصل وأما الشرائط الخ 266
111 فصل وأما بيان ما يلزم الشاهد الخ 282
112 فصل وأما بيان حكم الشهادة 282
113 كتاب الرجوع عن الشهادة 283