بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ١٢٧
فوهب منه جازت الهبة وصار قابضا نفس العقد ووقع العقد والقبض معا ولا يحتاج إلى تجديد القبض بعد العقد استحسانا والقياس أن لا يصير قابضا ما لم يجدد القبض وهو ان يخلى بين نفسه وبين الموهوب بعد العقد (وجه) القياس ان يد المودع إن كانت يده صورة فهي يد المودع معنى فكان المال في يده فصار كأنه وهب له ما في يده فلا بد من القبض بالتخلية (وجه) الاستحسان ان القبضين متماثلان لان كل واحد منهما قبض غير مضمون إذ الهبة عقد تبرع وكذا عقد الوديعة والعارية فتماثل القبضان فيتناوبان ضرورة بخلاف بيع الوديعة والعارية من المودع والمستعير لان قبضهما لا ينوب عن قبض البيع لأنه قبض أمانة وقبض البيع قبض ضمان فلم يتماثل القبضان بل الموجود أدنى من المستحق فلم يتناوبا ولو كان الموهوب في يده مغصوبا أو مقبوضا بيع فاسد أو مقبوضا على سوم الشراء فكذا ينوب ذلك عن قبض الهبة لوجود المستحق بالعقد وهو أصل القبض وزيادة ضمان ولو كان الموهوب مرهونا في يده ذكر في الجامع أنه يصير قابضا وينوب قبض الرهن عن قبض الهبة لان قبض الهبة قبض أمانة وقبض الرهن في حق العين قبض أمانة أيضا فيتماثلان فناب أحدهما عن الآخر ولئن كان قبض الرهن قبض ضمان فقبض الضمان أقوى من قبض الأمانة والأقوى ينوب عن الأدنى لوجود الأدنى فيه وزيادة وإذا صحت الهبة بالقبض بطل الرهن ويرجع المرتهن بدينه على الراهن وذكر الكرخي انه لا يصير قابضا حتى يجدد القبض بعد عقد الهبة لان قبض الرهن وإن كان قبض ضمان لكن هذا ضمان لا تصح البراءة منه فلا يحتمل الابراء بالهبة ليصير قبض أمانة فيتجانس القبضان فيبقى قبض ضمان فاختلف القبضان فلا يتناوبان بخلاف المغصوب والمقبوض على سوم الشراء لان ذلك الضمان مما تصح البراءة عنه فيبرأ عنه بالهبة ويبقى قبض بغير ضمان فتماثل القبضان فيتناوبان ولو كان مبيعا قبل القبض فوهب من البائع جاز ولكن لا يكون هبة بل يكون إقالة حتى لا تصح بدون قبول البائع ولو باعه من البائع قبل القبض لا يجعل إقالة بل يبطل أصلا ورأسا والفرق بينهما ما ذكرنا في كتاب البيوع ولو نحل ابنه الصغير شيئا جاز ويصير قابضا له مع العقد كما إذا باع ماله منه حتى لو هلك عقيب البيع يهلك من مالا الابن لصيرورته قابضا للصغير مع العقد وينبغي للرجل أن يعدل بين أولاده في النحلى لقوله سبحانه وتعالى ان الله يأمر بالعدل والاحسان (وأما) كيفية العدل بينهم فقد قال أبو يوسف العدل في ذلك أن يسوى بينهم في العطية ولا يفضل الذكر على الأنثى وقال محمد العدل بينهم أن يعطيهم على سبيل الترتيب في المواريث للذكر مثل حظ الأنثيين كذا ذكر القاضي الاختلاف بينهما في شرح مختصر الطحاوي وذكر محمد في الموطأ ينبغي للرجل أن يسوى بين ولده في النحلى ولا يفضل بعضهم على بعض وظاهر هذا يقتضى أن يكون قوله مع قول أبى يوسف وهو الصحيح لما روى أن بشيرا أبا النعمان أتى بالنعمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ولدك نحلته مثل هذا فقال لا فقال النبي عليه الصلاة والسلام فارجعه وهذا إشارة إلى العدل بين الأولاد في النحلة وهو التسوية بينهم ولان في التسوية تأليف القلوب والتفضيل يورث الوحشة بينهم فكانت التسوية أولى ولو بعضا وحرم بعضا جاز من طريق الحكم لأنه تصرف في خالص ملكه لاحق لاحد فيه الا انه لا يكون عدلا سواء كان المحروم فقيها نقيا أو جاهلا فاسقا على قول المتقدمين من مشايخنا وأما على قول المتأخرين منهم لا بأس ان يعطى المتأدبين والمتفقهين دون الفسقة الفجرة (فصل) وأما حكم الهبة فالكلام فيه في ثلاث مواضع في بيان أصل الحكم وفي بيان صفته وفي بيان ما يرفع الحكم أما أصل الحكم فهو ثبوت الملك للموهوب له في الموهوب من غير عوض لان الهبة تمليك العين من غير عوض فكان حكمها ملك الموهوب من غير عوض وأما صفته فقد اختلف فيها قال أصحابنا هي ثبوت ملك غير لازم في الأصل وللواهب ان يرجع في هبته وإنما يثبت اللزوم يمتنع الرجوع بأسباب عارضه وقال الشافعي رحمه الله الثابت بالهبة ملك لازم في الأصل لا يثبت الرجوع الا في هبة الولد خاصة وهي هبة الولد لولده فنقول يقع
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الكفالة 2
2 فصل وأما شرائط الكفالة 5
3 فصل وأما بيان حكم الكفالة 10
4 فصل وأما بيان ما يخرج به الكفيل عن الكفالة 11
5 فصل وأما رجوع الكفيل 13
6 فصل وأما ما يرجع به الكفيل 15
7 كتاب الحوالة 15
8 فصل وأما بيان حكم الحوالة 17
9 فصل وأما بيان ما يخرج به المحال عليه من الحوالة 18
10 فصل وأما بيان الرجوع 19
11 كتاب الوكالة 19
12 فصل وأما بيان ركن التوكيل 20
13 فصل وأما الشرائط فأنواع 20
14 فصل وأما بيان حكم التوكيل 24
15 فصل الوكيلان هل ينفرد أحدهما بالتصرف فيما وكلابه 36
16 فصل وأما بيان ما يخرج به الوكيل عن الوكالة 37
17 كتاب الصلح 39
18 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 40
19 فصل وأما الشرائط التي ترجع إلى المصالح عليه فأنواع 42
20 فصل وأما الذي يرجع إلى المصالح عنه فأنواع 48
21 فصل وأما بيان حكم الصلح الخ 53
22 فصل وأما بيان ما يبطل به الصلح 54
23 فصل وأما بيان حكم الصلح 55
24 كتاب الشركة 56
25 فصل وأما بيان جواز هذه الأنواع الثلاثة 57
26 فصل وأما بيان شرائط جواز هذه الأنواع 58
27 فصل وأما حكم الشركة 65
28 فصل وأما صفة عقد الشركة 77
29 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد الشركة 78
30 كتاب المضاربة فصل وأما ركن العقد الخ 79
31 فصل وأما شرائط الركن الخ 81
32 فصل وأما بيان حكم المضاربة 86
33 فصل وأما صفة هذا العقد 101
34 فصل وأما حكم اختلاف المضارب ورب المال 101
35 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد المضاربة 112
36 كتاب الهبة 115
37 فصل وأما الشرائط 118
38 فصل وأما حكم الهبة 127
39 كتاب الرهن فصل وأما الشرائط 135
40 فصل وأما حكم الرهن 145
41 فصل وأما الذي يتعلق بحال هلاك المرهون 154
42 فصل وأما شرائط كونه مضمونا عند الهلاك 155
43 فصل وأما حكم اختلاف الراهن والمرتهن 174
44 كتاب المزارعة 175
45 فصل وأما ركن المزارعة 176
46 فصل وأما الشرائط الخ 176
47 فصل وأما الذي يرجع إلى الزرع 177
48 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع 177
49 فصل وأما الذي يرجع إلى الخارج 177
50 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع فيه 178
51 فصل وأما الذي يرجع إلى ما عقد عليه 179
52 فصل وبيان هذه الجملة الخ 179
53 فصل وأما الذي يرجع إلى آلة المزارعة الخ 180
54 فصل وأما الذي يرجع إلى مدة المزارعة الخ 180
55 فصل وأما الشرائط المفسدة للمزارعة الخ 180
56 فصل وأما بيان حكم المزارعة الصحيحة 181
57 فصل وأما حكم المزارعة الفاسدة 182
58 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخ المزارعة الخ 183
59 فصل وأما الذي ينفسخ به عقد المزارعة 184
60 فصل وأما بيان حكم المزارعة المنفسخة الخ 184
61 كتاب المعاملة 185
62 فصل وأما الشرائط المفسدة للمعاملة 186
63 فصل وأما حكم المعاملة الصحيحة الخ 187
64 فصل وأما حكم المعاملة الفاسدة الخ 188
65 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخها 188
66 فصل وأما الذي ينفسح به عقد المعاملة 188
67 فصل وأما حكم المعاملة المنفسخة الخ 188
68 كتاب الشرب 188
69 كتاب الأراضي 192
70 كتاب المفقود 196
71 فصل وأما بيان ما يصنع بماله 196
72 فصل وأما حكم ماله الخ 197
73 كتاب اللقط فصل وأما بيان حاله 197
74 كتاب اللقطة فصل وأما بيان أحوالها الخ 200
75 فصل وأما بيان ما يصنع بها 200
76 كتاب الإباق فصل وأما بيان ما يصنع به 203
77 فصل وأما بيان حكم ماله 203
78 فصل وأما شرائط الاستحقاق الخ 204
79 فصل وأما بيان من يستحق عليه الخ 205
80 فصل وأما بيان قدر المستحق الخ 205
81 كتاب السباق فصل وأما شرائط جوازه الخ 206
82 كتاب الوديعة فصل وأما شرائط الركن الخ 207
83 فصل وأما بيان حكم العقد 207
84 فصل وأما بيان ما يغير حال المعقود عليه 211
85 كتاب العارية فصل وأما الشرائط التي يصير الركن بها إعارة الخ 214
86 فصل وأما بيان حكم العقد الخ 214
87 فصل وأما صفة الحكم الخ 216
88 فصل وأما بيان حال المستعار 217
89 فصل وأما بيان ما يوجب تغير حالها 218
90 كتاب الوقف والصدقة 218
91 فصل وأما شرائط الجواز 219
92 فصل وأما الذي يرجع إلى الموقوف الخ 220
93 فصل وأما حكم الوقف الجائز 220
94 وأما الصدقة الخ 221
95 كتاب الدعوى 221
96 فصل وأما الشرائط المصححة للدعوى 222
97 فصل وأما بيان حد المدعي والمدعى عليه 224
98 فصل وأما بيان حكم الدعوى وما يتصل بها 224
99 فصل وأما حجة المدعي والمدعى عليه 225
100 فصل وأما بيان كيفية اليمين 227
101 فصل وأما حكم أدائه 229
102 فصل وأما حكم الامتناع 230
103 فصل وأما بيان ما تندفع به الخصومة عن المدعى عليه 231
104 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين 232
105 فصل واما بيان ما يظهر به النسب 252
106 فصل وأما صفة النسب الثابت 255
107 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين الخ 255
108 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين في قدر الملك 259
109 فصل وأما بيان حكم الملك والحق ثابت الخ 263
110 كتاب الشهادة فصل وأما الشرائط الخ 266
111 فصل وأما بيان ما يلزم الشاهد الخ 282
112 فصل وأما بيان حكم الشهادة 282
113 كتاب الرجوع عن الشهادة 283