بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ١٤٥
أيضا يخرج الرهن بالكفالة بالنفس فإنه لا يجوز لان المكفول به مما لا يحتمل الاستيفاء من الرهن (فصل) وأما حكم الرهن فنقول وبالله التوفيق الرهن نوعان صحيح وفاسد (أما) الأول فله أحكام بعضها يتعلق بحال قيام المرهون وبعضها يتعلق حال هلاكه (أما) الذي يتعلق بحال قيامه فعندنا ثلاثة الأول ملك حبس المرهون على سبيل الدوام إلى وقت الفكاك أو ملك العين في حق الحبس على سبيل الدوام إلى وقت الفكاك وكون المرتهن أحق بحبس المرهون على سبيل اللزوم إلى وقت الفكاك والعبارات متفقة المعاني في متعارف الفقهاء (والثاني) اختصاص المرتهن ببيع المرهون اختصاصه بثمنه وهذان الحكمان أصليان للرهن عندنا (والثالث) وجوب تسليم المرهون عند الافتكاك وقال الشافعي رحمه الله الحكم الأصلي للرهن واحد وهو كون المرتهن أحق ببيع المرهون وأخص بثمنه من بين سائر الغرماء (فاما) حق حبس المرهون فليس بحكم لازم حتى أن المرهون إن كان شيئا يمن الانتفاع به بدون استهلاكه كان للراهن أن يسترده من يد المرتهن فينتفع به فإذا أفرغ من الانتفاع رده إليه وإن كان شيئا لا يمكن الانتفاع به الا باستهلاكه كالمكيل والموزون فليس للراهن أن يسترده من يده احتج بما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يغلق الرهن لا يغلق الرهن لا يغلق الرهن هو لصاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه أخبر عليه الصلاة والسلام ان الرهن لا يغلق أي لا يحبس وعندكم يحبس فكان حجة عليكم وكذا أضاف عليه الصلاة والسلام الرهن إلى الراهن بلام التمليك وسماه صاحبا له على لاطلاق فيقتضى أن يكون هو المالك للرهن مطلقا رقبة وانتفاعا وحبسا ولان الرهن شرع توثيقا للدين وملك الحبس على سبيل الدوام يضاد معنى الوثيقة لأنه يكون في يده دائما وعسى يهلك فيسقط الدين فكان توهينا للدين لا توثيقا له ولان فيما قلتم تعطيل العين المنتفع بها في نفسها من الانتفاع لان المرتهن لا يجوز له الانتفاع بالرهن أصلا والراهن لا يملك الانتفاع به عندكم فكان تعطيلا والتعطيل تسييب وأنه من أعمال الجاهلية وقد نفاه الله تبارك وتعالى قوله ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة (ولنا) قوله تعالى وان كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة أخبر الله تعالى بكون الرهن مقبوضا واخباره سبحانه وتعالى لا يحتمل الخلل فاقتضى أن يكون المرهون مقبوضا ما دام مرهونا ولان الرهن في اللغة عبارة عن الحبس قال الله عز وجل كل امرئ بما كسب رهين أي حبيس فيقتضى أن يكون المرهون محبوسا ما دام مرهونا ولو لم يثبت ملك الحبس على الدوام لم يكن محبوسا على الدوام فلم يكن مرهونا ولان الله تعالى لما سمى العين التي ورد العقد عليها رهنا وأنه ينبئ عن الحبس لغة كان ما دل عليه اللفظ لغة حكما له شرعا لان للأسماء الشرعية دلالات على أحكامها كلفظ الطلاق والعتاق والحوالة والكفالة ونحوها ولان الرهن شرع وثيقة بالدين فيلزم أن يكون حكمه ما يقع به التوثيق للدين كالكفالة وإنما يحصل التوثيق إذا كان يملك حبسه على الدوام لأنه يمنعه عن الانتفاع فيحمله ذلك على قضاء الدين في أسرع الأوقات وكذا يقع الامن عن تواء حقه بالجحود والانكار على ما عرف ولا حجة له في الحديث لان معنى قوله عليه الصلاة والسلام لا يغلق الرهن أي لا يملك بالدين كذا قاله أهل اللغة غلق الرهن أي ملك بالدين وهذا كان حكما جاهليا فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله عليه الصلاة والسلام هو لصاحبه الذي رهنه تفسير لقوله لا يغلق الرهن وقوله عليه الصلاة والسلام له غنمه أي زوائده وعليه غرمه أي نفقته وكنفه وقوله إن ما شرع له الرهن لا يحصل بما قلتم لأنه يتوى حقه بهلاك الرهن قلنا على أحد الطريقين لا يتوى بل يصير مستوفيا والاستيفاء ليس بهلاك الدين (أما) على الطريق الآخر فالهلاك ليس بغالب بل قد يكون وقد لا يكون وإذا هلك فالهلاك ليس يضاف إلى حكم الرهن لان حكمه ملك الحبس لا نفس الحبس وقوله فيه تسييب ممنوع فان بعقد الرهن مع التسليم يصير الراهن موفيا دينه في حق الحبس والمرتهن يصير مستوفيا في حق الحبس والايفاء والاستيفاء من منافع الرهن وإذا عرف حكم الرهن في حال قيامه فيخرج عليه المسائل المتعلقة به (أما) على الحكم الأول وهو ملك الحبس فالمسائل المتعلقة بهذا الحكم بعضها يتعلق بنفس الحكم وبعضها يتعلق بكيفيته أما الذي يتعلق بنفس الحكم فنقول وبالله التوفيق
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الكفالة 2
2 فصل وأما شرائط الكفالة 5
3 فصل وأما بيان حكم الكفالة 10
4 فصل وأما بيان ما يخرج به الكفيل عن الكفالة 11
5 فصل وأما رجوع الكفيل 13
6 فصل وأما ما يرجع به الكفيل 15
7 كتاب الحوالة 15
8 فصل وأما بيان حكم الحوالة 17
9 فصل وأما بيان ما يخرج به المحال عليه من الحوالة 18
10 فصل وأما بيان الرجوع 19
11 كتاب الوكالة 19
12 فصل وأما بيان ركن التوكيل 20
13 فصل وأما الشرائط فأنواع 20
14 فصل وأما بيان حكم التوكيل 24
15 فصل الوكيلان هل ينفرد أحدهما بالتصرف فيما وكلابه 36
16 فصل وأما بيان ما يخرج به الوكيل عن الوكالة 37
17 كتاب الصلح 39
18 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 40
19 فصل وأما الشرائط التي ترجع إلى المصالح عليه فأنواع 42
20 فصل وأما الذي يرجع إلى المصالح عنه فأنواع 48
21 فصل وأما بيان حكم الصلح الخ 53
22 فصل وأما بيان ما يبطل به الصلح 54
23 فصل وأما بيان حكم الصلح 55
24 كتاب الشركة 56
25 فصل وأما بيان جواز هذه الأنواع الثلاثة 57
26 فصل وأما بيان شرائط جواز هذه الأنواع 58
27 فصل وأما حكم الشركة 65
28 فصل وأما صفة عقد الشركة 77
29 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد الشركة 78
30 كتاب المضاربة فصل وأما ركن العقد الخ 79
31 فصل وأما شرائط الركن الخ 81
32 فصل وأما بيان حكم المضاربة 86
33 فصل وأما صفة هذا العقد 101
34 فصل وأما حكم اختلاف المضارب ورب المال 101
35 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد المضاربة 112
36 كتاب الهبة 115
37 فصل وأما الشرائط 118
38 فصل وأما حكم الهبة 127
39 كتاب الرهن فصل وأما الشرائط 135
40 فصل وأما حكم الرهن 145
41 فصل وأما الذي يتعلق بحال هلاك المرهون 154
42 فصل وأما شرائط كونه مضمونا عند الهلاك 155
43 فصل وأما حكم اختلاف الراهن والمرتهن 174
44 كتاب المزارعة 175
45 فصل وأما ركن المزارعة 176
46 فصل وأما الشرائط الخ 176
47 فصل وأما الذي يرجع إلى الزرع 177
48 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع 177
49 فصل وأما الذي يرجع إلى الخارج 177
50 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع فيه 178
51 فصل وأما الذي يرجع إلى ما عقد عليه 179
52 فصل وبيان هذه الجملة الخ 179
53 فصل وأما الذي يرجع إلى آلة المزارعة الخ 180
54 فصل وأما الذي يرجع إلى مدة المزارعة الخ 180
55 فصل وأما الشرائط المفسدة للمزارعة الخ 180
56 فصل وأما بيان حكم المزارعة الصحيحة 181
57 فصل وأما حكم المزارعة الفاسدة 182
58 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخ المزارعة الخ 183
59 فصل وأما الذي ينفسخ به عقد المزارعة 184
60 فصل وأما بيان حكم المزارعة المنفسخة الخ 184
61 كتاب المعاملة 185
62 فصل وأما الشرائط المفسدة للمعاملة 186
63 فصل وأما حكم المعاملة الصحيحة الخ 187
64 فصل وأما حكم المعاملة الفاسدة الخ 188
65 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخها 188
66 فصل وأما الذي ينفسح به عقد المعاملة 188
67 فصل وأما حكم المعاملة المنفسخة الخ 188
68 كتاب الشرب 188
69 كتاب الأراضي 192
70 كتاب المفقود 196
71 فصل وأما بيان ما يصنع بماله 196
72 فصل وأما حكم ماله الخ 197
73 كتاب اللقط فصل وأما بيان حاله 197
74 كتاب اللقطة فصل وأما بيان أحوالها الخ 200
75 فصل وأما بيان ما يصنع بها 200
76 كتاب الإباق فصل وأما بيان ما يصنع به 203
77 فصل وأما بيان حكم ماله 203
78 فصل وأما شرائط الاستحقاق الخ 204
79 فصل وأما بيان من يستحق عليه الخ 205
80 فصل وأما بيان قدر المستحق الخ 205
81 كتاب السباق فصل وأما شرائط جوازه الخ 206
82 كتاب الوديعة فصل وأما شرائط الركن الخ 207
83 فصل وأما بيان حكم العقد 207
84 فصل وأما بيان ما يغير حال المعقود عليه 211
85 كتاب العارية فصل وأما الشرائط التي يصير الركن بها إعارة الخ 214
86 فصل وأما بيان حكم العقد الخ 214
87 فصل وأما صفة الحكم الخ 216
88 فصل وأما بيان حال المستعار 217
89 فصل وأما بيان ما يوجب تغير حالها 218
90 كتاب الوقف والصدقة 218
91 فصل وأما شرائط الجواز 219
92 فصل وأما الذي يرجع إلى الموقوف الخ 220
93 فصل وأما حكم الوقف الجائز 220
94 وأما الصدقة الخ 221
95 كتاب الدعوى 221
96 فصل وأما الشرائط المصححة للدعوى 222
97 فصل وأما بيان حد المدعي والمدعى عليه 224
98 فصل وأما بيان حكم الدعوى وما يتصل بها 224
99 فصل وأما حجة المدعي والمدعى عليه 225
100 فصل وأما بيان كيفية اليمين 227
101 فصل وأما حكم أدائه 229
102 فصل وأما حكم الامتناع 230
103 فصل وأما بيان ما تندفع به الخصومة عن المدعى عليه 231
104 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين 232
105 فصل واما بيان ما يظهر به النسب 252
106 فصل وأما صفة النسب الثابت 255
107 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين الخ 255
108 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين في قدر الملك 259
109 فصل وأما بيان حكم الملك والحق ثابت الخ 263
110 كتاب الشهادة فصل وأما الشرائط الخ 266
111 فصل وأما بيان ما يلزم الشاهد الخ 282
112 فصل وأما بيان حكم الشهادة 282
113 كتاب الرجوع عن الشهادة 283