بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ٢٣٠
(فصل) واما حكم الامتناع عن تحصيله فالمدعى عليه إذا نكل عن اليمين فإن كان ذلك في دعوى المال يقضى عليه بالمال عندنا لكن ينبغي للقاضي أن يقول له انى أعرض عليك اليمين ثلاث مرات قان حلفت والا قضيت عليك لجواز أن يكون المدعى عليه ممن لا يرى القضاء بالنكول أو يكون عنده ان القاضي لا يرى القضاء بالنكول أو لحقه حشمة القضاة ومهابة المجلس في المرة الأولى فكان الاحتياط أن يقول له ذلك فان نكل عن اليمين بعد العرض عليه ثلاثا فان القاضي يقضى عليه عندنا وعند الشافعي رحمه الله لا يقضى بالنكول ولكن يرد اليمين إلى المدعى فيحلف فيأخذ احتج الشافعي رحمه الله بقول النبي عليه الصلاة والسلام البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه جعل البينة حجة المدعى واليمين حجة المدعى عليه ولم يذكر عليه الصلاة والسلام النكول فلو كان حجة المدعى لذكره والمعقول انه يحتمل انه نكل لكونه كذبا في الانكار فاحترز عن اليمين الكاذبة ويحتمل انه نكل مع كونه صادقا في الانكار تورعا عن اليمين الصادقة فلا يكون حجة القضاء مع الشك والاحتمال لكن يرد اليمين إلى المدعى ليحلف فيقضى له لأنه ترجح جنبه الصدق دعواه بيمينه وقد ورد الشرع برد اليمين إلى المدعى فإنه روى أن سيدنا عثمان رضي الله عنه ادعى على المقداد ما لابين يدي سيدنا عمر رضي الله عنه فأنكر المقداد وتوجهت عليه اليمين فرد اليمين على سيدنا وعثمان وسيدنا عمر جوز ذلك (ولنا) ما روى أن شريحا قضى على رجل بالنكول فقال المدعى عليه أنا أحلف فقال شريح مضى قضائي وكان لا تخفى قضاياه على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينقل انه أنكر عليه منكر فيكون اجماعا منهم على جواز القضاء بالنكول ولأنه ظهر صدق المدعى في دعواه عند نكول المدعى عليه فيقضى له كما لو أقام البينة ودلالة الوصف ان المانع من ظهور الصدق في خبره انكاره المدعى عليه وقد عارضه النكول لأنه كان صادقا في إنكاره لما نكل فزال المانع للتعارض فظهر صدقه في دعواه وقوله يحتمل انه نكل تورعا عن اليمين الصادقة قلنا هذا احتمال نادر لان اليمين الصادقة مشروعة فالظاهر أن الانسان لا يرضى بفوات حقه تحرزا عن مباشرة أمر مشروع ومثل هذا الاحتمال ساقط الاعتبار شرعا ألا يرى أن البينة حجة القضاء بالاجماع وإن كانت محتملة في الجملة لأنها خبر من ليس بمعصوم عن الكذب لكن لما كان الظاهر هو الصدق سقط اعتبار احتمال الكذب كذا هذا وأما الحديث فنقول البينة حجة المدعى وهذا لا ينقى أن يكون غيرها حجة وقوله لو كان حجة لذكره قلنا يحتمل أنه لم يذكره لما قلتم ويحتمل انه لم يذكره نصا مع كونه حجة تسليطا للمجتهدين على الاجتهاد ليعرف كونه حجة بالرأي والاستنباط فلا يكون حجة مع الاحتمال وأما رد اليمين على المدعى فليس بمشروع لما قلنا من قبل وأما حديث المقداد فلا حجة فيه لان فيه ذكر الرد من غير نكول المدعى عليه وهو خارج عن أقاويل الكل فكان مؤولا عند الكل ثم تأويله ان المقداد رضي الله عنه ادعى الايفاء فأنكر سيد نا عثمان رضي الله عنه فتوجهت اليمين عليه ونحن به نقول هذا إذا نكل عن اليمين في دعوى المال فإن كان النكول في دعوى القصاص فنقول لا يخلو اما أن تكون الدعوى في القصاص في النفس واما أن تكون تكون فيما دون النفس فإن كان في النفس فعند أبي حنيفة لا يقضى فيه لا بالقصاص ولا بالمال لكنه يحبس حتى يقر أو يحلف أبدا وإن كان الدعوى في القصاص في الطرف فإنه يقضى بالقصاص في العمل وبالدية في الخطأ وعندهما لا يقضى بالقصاص في النقس والطرف جميعا ولكن يقضى بالأرش والدية فيهما جميعا بناء على أن النكول بذل عند أبي حنيفة رحمه الله والطرف يحتمل البذل والإباحة في الجملة فان من وقعت في يده آكلة والعياذ بالله تعالى فأمر غيره بقطعها يباح له قطعها صيانة للنفس وبه تبين ان الطرف يسلك مسلك الأموال لأنه خلق وقاية للنفس كالمال فاما النفس فلا تحتمل البذل والإباحة بحال وكذا المباح له القطع إذا قطع لا ضمان عليه والمباح له القتل إذا قبل يضمن فكان الطرف جاريا مجرى المال بخلاف النفس فأمكن القضاء بالنكول فأمكن القضاء بالنكول في الطرف دون النفس فكان القياس ان لا يستحلف في النفس عنده كما لا يستحلف في الأشياء السبعة لان الاستحلاف للتوسل إلى المقصود المدعى وهو احياء حقه بالقضاء بالنكول ولا يقضى فيها بالنكول أصلا عنده فكان ينبغي ان لا يستحلف الا انه استحسن في الاستحلاف فيها لان
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الكفالة 2
2 فصل وأما شرائط الكفالة 5
3 فصل وأما بيان حكم الكفالة 10
4 فصل وأما بيان ما يخرج به الكفيل عن الكفالة 11
5 فصل وأما رجوع الكفيل 13
6 فصل وأما ما يرجع به الكفيل 15
7 كتاب الحوالة 15
8 فصل وأما بيان حكم الحوالة 17
9 فصل وأما بيان ما يخرج به المحال عليه من الحوالة 18
10 فصل وأما بيان الرجوع 19
11 كتاب الوكالة 19
12 فصل وأما بيان ركن التوكيل 20
13 فصل وأما الشرائط فأنواع 20
14 فصل وأما بيان حكم التوكيل 24
15 فصل الوكيلان هل ينفرد أحدهما بالتصرف فيما وكلابه 36
16 فصل وأما بيان ما يخرج به الوكيل عن الوكالة 37
17 كتاب الصلح 39
18 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 40
19 فصل وأما الشرائط التي ترجع إلى المصالح عليه فأنواع 42
20 فصل وأما الذي يرجع إلى المصالح عنه فأنواع 48
21 فصل وأما بيان حكم الصلح الخ 53
22 فصل وأما بيان ما يبطل به الصلح 54
23 فصل وأما بيان حكم الصلح 55
24 كتاب الشركة 56
25 فصل وأما بيان جواز هذه الأنواع الثلاثة 57
26 فصل وأما بيان شرائط جواز هذه الأنواع 58
27 فصل وأما حكم الشركة 65
28 فصل وأما صفة عقد الشركة 77
29 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد الشركة 78
30 كتاب المضاربة فصل وأما ركن العقد الخ 79
31 فصل وأما شرائط الركن الخ 81
32 فصل وأما بيان حكم المضاربة 86
33 فصل وأما صفة هذا العقد 101
34 فصل وأما حكم اختلاف المضارب ورب المال 101
35 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد المضاربة 112
36 كتاب الهبة 115
37 فصل وأما الشرائط 118
38 فصل وأما حكم الهبة 127
39 كتاب الرهن فصل وأما الشرائط 135
40 فصل وأما حكم الرهن 145
41 فصل وأما الذي يتعلق بحال هلاك المرهون 154
42 فصل وأما شرائط كونه مضمونا عند الهلاك 155
43 فصل وأما حكم اختلاف الراهن والمرتهن 174
44 كتاب المزارعة 175
45 فصل وأما ركن المزارعة 176
46 فصل وأما الشرائط الخ 176
47 فصل وأما الذي يرجع إلى الزرع 177
48 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع 177
49 فصل وأما الذي يرجع إلى الخارج 177
50 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع فيه 178
51 فصل وأما الذي يرجع إلى ما عقد عليه 179
52 فصل وبيان هذه الجملة الخ 179
53 فصل وأما الذي يرجع إلى آلة المزارعة الخ 180
54 فصل وأما الذي يرجع إلى مدة المزارعة الخ 180
55 فصل وأما الشرائط المفسدة للمزارعة الخ 180
56 فصل وأما بيان حكم المزارعة الصحيحة 181
57 فصل وأما حكم المزارعة الفاسدة 182
58 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخ المزارعة الخ 183
59 فصل وأما الذي ينفسخ به عقد المزارعة 184
60 فصل وأما بيان حكم المزارعة المنفسخة الخ 184
61 كتاب المعاملة 185
62 فصل وأما الشرائط المفسدة للمعاملة 186
63 فصل وأما حكم المعاملة الصحيحة الخ 187
64 فصل وأما حكم المعاملة الفاسدة الخ 188
65 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخها 188
66 فصل وأما الذي ينفسح به عقد المعاملة 188
67 فصل وأما حكم المعاملة المنفسخة الخ 188
68 كتاب الشرب 188
69 كتاب الأراضي 192
70 كتاب المفقود 196
71 فصل وأما بيان ما يصنع بماله 196
72 فصل وأما حكم ماله الخ 197
73 كتاب اللقط فصل وأما بيان حاله 197
74 كتاب اللقطة فصل وأما بيان أحوالها الخ 200
75 فصل وأما بيان ما يصنع بها 200
76 كتاب الإباق فصل وأما بيان ما يصنع به 203
77 فصل وأما بيان حكم ماله 203
78 فصل وأما شرائط الاستحقاق الخ 204
79 فصل وأما بيان من يستحق عليه الخ 205
80 فصل وأما بيان قدر المستحق الخ 205
81 كتاب السباق فصل وأما شرائط جوازه الخ 206
82 كتاب الوديعة فصل وأما شرائط الركن الخ 207
83 فصل وأما بيان حكم العقد 207
84 فصل وأما بيان ما يغير حال المعقود عليه 211
85 كتاب العارية فصل وأما الشرائط التي يصير الركن بها إعارة الخ 214
86 فصل وأما بيان حكم العقد الخ 214
87 فصل وأما صفة الحكم الخ 216
88 فصل وأما بيان حال المستعار 217
89 فصل وأما بيان ما يوجب تغير حالها 218
90 كتاب الوقف والصدقة 218
91 فصل وأما شرائط الجواز 219
92 فصل وأما الذي يرجع إلى الموقوف الخ 220
93 فصل وأما حكم الوقف الجائز 220
94 وأما الصدقة الخ 221
95 كتاب الدعوى 221
96 فصل وأما الشرائط المصححة للدعوى 222
97 فصل وأما بيان حد المدعي والمدعى عليه 224
98 فصل وأما بيان حكم الدعوى وما يتصل بها 224
99 فصل وأما حجة المدعي والمدعى عليه 225
100 فصل وأما بيان كيفية اليمين 227
101 فصل وأما حكم أدائه 229
102 فصل وأما حكم الامتناع 230
103 فصل وأما بيان ما تندفع به الخصومة عن المدعى عليه 231
104 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين 232
105 فصل واما بيان ما يظهر به النسب 252
106 فصل وأما صفة النسب الثابت 255
107 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين الخ 255
108 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين في قدر الملك 259
109 فصل وأما بيان حكم الملك والحق ثابت الخ 263
110 كتاب الشهادة فصل وأما الشرائط الخ 266
111 فصل وأما بيان ما يلزم الشاهد الخ 282
112 فصل وأما بيان حكم الشهادة 282
113 كتاب الرجوع عن الشهادة 283