أحدهما والحمل على الانكار أولى لان العاقل المتدين لا يسكت عن الظهار الحق المستحق لغيره مع قدرته عليه وقد يسكت عن اظهار الحق لنفسه مع قدرته عليه فكان حمل السكوت على الانكار أولى فكان السكوت انكار ادلالة ولو لم يسكت المدعى عليه ولم يقر ولكنه قال لا أقر ولا أنكر وأصر على ذلك اختلف المشايخ فيه قال بعضهم هذا انكار وقال بعضهم هذا اقرار والأول أشبه لان قوله لا أنكر اخبار عن السكوت عن الجواب والسكوت انكار على ما مر ومنها الطلب من المدعى لأنها وجبت على المدعى عليه حقا للمدعى وحق الانسان قبل غيره واجب الايفاء عند طلبه ومنها عدم البينة الحاضرة عند أبي حنيفة وعند هما ليس بشرط حتى لو قال المدعى لي بينة حاضرة ثم أراد ان يحلف المدعى عليه ليس له ذلك عنده وعندهما له ذلك وجه قولهما ان اليمين حجة المدعى كالبينة ولهذا لا تجب الا عند طلبه فكان له ولاية استيفاء أيهما شاء ولأبي حنيفة ان البينة في كونها حجة المدعى كالأصل لكونها كلام غير الخصم واليمين كالخلف عليها لكونها كلام الخصم فلهذا لو أقام البينة ثم أراد استحلاف المدعى عليه ليس له ذلك والقدرة على الأصل تمنع المصير إلى الخلف ومنها ان لا يكون المدعى حقا لله عز وجل خالصا فلا يجوز الاستحلاف في الحدود الخالصة حقا لله عز وجل كحد الزنا والسرقة والشرب لان الاستحلاف لأجل النكول ولا يقضى بالنكول في الحدود الخالصة لأنه بذل عند أبي حنيفة رحمه الله وعند هما اقرار فيه شبهه العدم والحدود لا تحتمل البذل ولا تثبت بدليل فيه شبهه لهذا لا تثبت بشهادة النساء والشهادة على الشهادة الا ان في السرقة يحلف على أخذ المال وكذا لا يمين في اللعان لأنه جار مجرى الحد وأما حد القذف فيجرى فيه الاستحلاف ظاهر الرواية لأنه ليس من الحدود المتمحضة حقا لله تعالى بل يشوبه حق العبد فأشبه التعزير وفى التعزير يحلف كذا هذا ويجرى الاستحلاف في القصاص في النفس والطرف لان القصاص خالص حق العبد ومنها أن يكون المدعى محتملا للاقرار به شرعا بأن كان لو أقر به لصح اقراره به فإن لم يكن لم يجر فيه الاستحلاف حتى أن من ادعى على رجل انه أخوه ولم يدع في يده ميراثا فأنكر لا يحلف لأنه لو أقر له بالاخوة لم يجز اقراره لكونه اقرارا على غيره وهو أبوه ولو ادعى انه أخوه وان في يده مالا من بركة أبيه وهو مستحق لنصفه بإرثه من أبيه فأنكر يحلف لأجل الميراث لا للاخوة لأنه لو أقر أنه اخوه صح اقراره في حق الإرث حتى يؤمر بتسليم نصف الميراث إليه ولم يصح في حق النسب حتى لا يقضى بأنه أخوه وعلى هذا عبد في يد رجل ادعاه رجلان فأقربه لأحدهما وسلم القاضي العبد إليه فقال الآخر لا بينة لي وطلب من القاضي تحليف المقر لا يحلفه في عين العبد لأنه لو أقربه لكان اقراره باطلا فإذا أنكر لا يحلف الا أن يقول الذي لم يقر له انك أتلفت على العبد بالرارك به لغيري فاضمن قيمته لي يحلف المقر بالله تعالى ما عليه رد قيمة ذلك العبد على هذا المدعى ولا رد شئ منها لأنه لو أقر باتلافه لصح وضمن القيمة فإذا أنكر يستحلفه ولو ادعى رجل انه زوجه ابنته الصغيرة وأنكر الأب لا يحلف عند أبي حنيفة رحمه الله لطريقين أحدهما انه لو أقر به لا يصح اقراره به عنده فإذا أنكر لا يستحلف والثاني ان الاستحلاف لا يجرى في النكاح وعند هما مجرى لكن عند أبي يوسف يحلف على السبب وعند محمد على الحاصل والحكم على ما نذكره في موضعه هذا إذا كانت صغيرة عند الدعوى فإن كانت كبيرة وادعى أن أباها زوجها إياه في صغرها لا يحلف عند أبي حنيفة لما قلنا من الطريقين وعند هما لا يحلف أيضا لاحد طريقين وهوانه لو أقر عليها في الحال لا يصح اقراره ولكن تحلف المرأة عند هما لأنها لو أقرت لصح اقرارها وعندهما الاستحلاف يجرى فيه لكن عند أبي يوسف تحلف على السبب بالله عز وجل ما تعلم أن أباها زوجها وهي صغيرة الا عند التعرض فتحلف على الحكم كما قال محمد ولو ادعت امرأة على رحل انه زوجها عبده فأنكر المولى لا يحلف عند أبي حنيفة رحمه الله لطريقين أحدهما انه لو أقر عليه لا يصح اقراره والثاني انه لا استحلاف في النكاح عنده وعندهما لا يحلف أيضا لكن لطريق واحد وهوانه لو أقر عليه لا يصح اقراره ولو ادعى رجل على رجل انه زوجه أمته لا يحلف المولى عند أبي حنيفة وعند هما يحلف لطريق واحد وهوان
(٢٢٦)