بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ١٢٣
الهبة من الفقير صدقة لأنه يبتغى بها وجه الله تعالى وسنذكر حكمها إن شاء الله تعالى وعلى هذا يخرج هبة الشجر دون الثمر والثمر دون الشجر والأرض دون الزرع والزرع دون الأرض انها غير جائزة لان الموهوب متصل بما ليس بموهوب اتصال جزء بجزء فكان كهبة المشاع ولو فضل وسلم جاز كما في هبة المشاع ولو تصدق بعشرة دراهم على رجلين فإن كانا غنيين لم يجز عند أبي حنيفة ويجوز عند هما لا التصدق على الغنى ميتة في الحقيقة والهبة من اثنين لا تجوز وعند هما جائزة وإن كانا فقيرين فعند هما تجوز كما تجوز في الهبة من رجلين وعن أبي حنيفة رحمه الله فيه روايتان في كتاب الهبة لا يجوز وفى الجامع الصغير يجوز (وجه) رواية كتاب الهبة ان الشياع كما يمنع جواز الهبة يمنع جواز الصدقة على ما ذكرنا فيما تقدم وهنا يتحقق الشيوع في القبض (وجه) رواية الجامع وهي الصحيحة ان معنى الشيوع في القبض لا يتحقق الصدقة على فقيرين لان المتصدق يتقرب الصدقة إلى الله عز وجل ثم الفقير يقبض من الله تعالى قال الله تبارك وتعالى ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وقال عليه الصلاة والسلام الصدقة تقع في يد الرحمن قبل أن تقع في يد الفقير والله تعالى واحد لا شريك له فلا يتحقق معنى الشيوع كما لو تصدق على فقير واحد ثم وكل بقبضها وكيلين بخلاف التصدق على غنيين لان الصدقة على الغنى يبتغى بها وجه الغنى فكانت هدية لا صدقة قال عليه الصلاة والسلام الصدقة يبتغى بها وجه الله تعالى والدار الآخرة والهدية يبتغى بها وجه الرسول وقضاء الحاجة والهدية هبة فيتحقق معنى الشيوع في القبض وأنه مانع من الجواز عنده (ومنها) القبض وهو أن يكون الموهوب مقبوضا وان شئت رددت هذا الشرط إلى الموهوب له لان القابض والمقبوض من الأسماء الإضافية والعلقة التي تدور عليها الإضافة من الجانبين هي القبض فيصح رده إلى كل واحد منهما في صناعة الترتيب فتأمل والكلام في هذا الشرط في موضعين في بيان أصل القبض انه شرط أم لا وفي بيان شرائط صحة القبض (أما) الأول فقد اختلف فيه بقال عامة العلماء شرط والموهوب قبل القبض على ملك الواهب يتصرف فيه كيف شاء وقال مالك رحمه الله ليس بشرط ويملكه الموهوب له من غير قبض (وجه) قوله إن هذا عقد تبرع بتمليك العين فيفيد الملك قبل القبض كالوصية (ولنا) اجماع الصحابة رضي الله عنهم وهو ما روينا ان سيدنا أبا بكر وسيدنا عمر رضي الله عنهما اعتبر القسمة والقبض لجواز النحلى بحضرة الصحابة ولم ينقل أنه أنكر عليهما منكر فيكون اجماعا وروى عن سيدنا أبى بكر وسيدنا عمر وسيدنا عثمان وسيدنا على وابن عباس رضى الله تعالى عنهم انهم قالوا لا تجوز الهبة الا مقبوضة محوزة ولم يرد عن غيرهم خلافه ولأنها عقد تبرع فلو صحت بدون القبض لثبت للموهوب له ولاية مطالبة الواهب بالتسليم فتصير عقد ضمان وهذا تغيير المشروع بخلاف الوصية لأنه ليس في ايجاب الملك فيها قبل القبض تغييرها عن موضعها إذ لا مطالبة قبل المتبرع وهو الموصى لأنه ميت وكذلك القبض شرط جواز الصدقة لا يملك قبل القبض عند عامة العلماء وقال ابن أبي ليلى وغيره من أهل الكوفة ليس بشرط وتجوز الصدقة إذا أعلمت وان لم تقبض ولا تجوز الهبة ولا النحلى الا مقبوضة واحتجوا بما روى عن سيدنا عمر وسيدنا علي رضي الله عنهما قالا إذا علمت الصدقة جازت من غير شرط القبض (ولنا) ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال خبرا عن الله سبحانه وتعالى يا ابن آدم تقول مالي مالي وليس لك من مالك الا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأبقيت اعتبر الله سبحانه وتعالى الامضاء في الصدقة والامضاء هو التسليم دل أنه شرط وروى عن سيدنا أبى بكر وسيدنا عمر وابن عباس ومعاذ بن جبل رضي الله عنهم انهم قالوا لا تتم الصدقة الا بالقبض ولان التصدق عقد تبرع فلا يفيد الحكم بنفسه كالهبة وما روى عن سيدنا عمر وسيدنا علي رضي الله عنهما محمول على صدقة الأب على ابنه الصغير وبه نقول لا حاجة هناك إلى القبض حملناه على هذا توفيقا بين الدلائل صيانة لها عن التناقض (والثاني) شرائط صحة القبص فأنواع (منها) أن يكون القبض بإذن المالك لان الاذن بالقبض شرط لصحة القبض في باب البيع حتى لو قبض المشترى من غير اذن البائع قبل نقد الثمن كان للبائع حق الاسترداد
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الكفالة 2
2 فصل وأما شرائط الكفالة 5
3 فصل وأما بيان حكم الكفالة 10
4 فصل وأما بيان ما يخرج به الكفيل عن الكفالة 11
5 فصل وأما رجوع الكفيل 13
6 فصل وأما ما يرجع به الكفيل 15
7 كتاب الحوالة 15
8 فصل وأما بيان حكم الحوالة 17
9 فصل وأما بيان ما يخرج به المحال عليه من الحوالة 18
10 فصل وأما بيان الرجوع 19
11 كتاب الوكالة 19
12 فصل وأما بيان ركن التوكيل 20
13 فصل وأما الشرائط فأنواع 20
14 فصل وأما بيان حكم التوكيل 24
15 فصل الوكيلان هل ينفرد أحدهما بالتصرف فيما وكلابه 36
16 فصل وأما بيان ما يخرج به الوكيل عن الوكالة 37
17 كتاب الصلح 39
18 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 40
19 فصل وأما الشرائط التي ترجع إلى المصالح عليه فأنواع 42
20 فصل وأما الذي يرجع إلى المصالح عنه فأنواع 48
21 فصل وأما بيان حكم الصلح الخ 53
22 فصل وأما بيان ما يبطل به الصلح 54
23 فصل وأما بيان حكم الصلح 55
24 كتاب الشركة 56
25 فصل وأما بيان جواز هذه الأنواع الثلاثة 57
26 فصل وأما بيان شرائط جواز هذه الأنواع 58
27 فصل وأما حكم الشركة 65
28 فصل وأما صفة عقد الشركة 77
29 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد الشركة 78
30 كتاب المضاربة فصل وأما ركن العقد الخ 79
31 فصل وأما شرائط الركن الخ 81
32 فصل وأما بيان حكم المضاربة 86
33 فصل وأما صفة هذا العقد 101
34 فصل وأما حكم اختلاف المضارب ورب المال 101
35 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد المضاربة 112
36 كتاب الهبة 115
37 فصل وأما الشرائط 118
38 فصل وأما حكم الهبة 127
39 كتاب الرهن فصل وأما الشرائط 135
40 فصل وأما حكم الرهن 145
41 فصل وأما الذي يتعلق بحال هلاك المرهون 154
42 فصل وأما شرائط كونه مضمونا عند الهلاك 155
43 فصل وأما حكم اختلاف الراهن والمرتهن 174
44 كتاب المزارعة 175
45 فصل وأما ركن المزارعة 176
46 فصل وأما الشرائط الخ 176
47 فصل وأما الذي يرجع إلى الزرع 177
48 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع 177
49 فصل وأما الذي يرجع إلى الخارج 177
50 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع فيه 178
51 فصل وأما الذي يرجع إلى ما عقد عليه 179
52 فصل وبيان هذه الجملة الخ 179
53 فصل وأما الذي يرجع إلى آلة المزارعة الخ 180
54 فصل وأما الذي يرجع إلى مدة المزارعة الخ 180
55 فصل وأما الشرائط المفسدة للمزارعة الخ 180
56 فصل وأما بيان حكم المزارعة الصحيحة 181
57 فصل وأما حكم المزارعة الفاسدة 182
58 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخ المزارعة الخ 183
59 فصل وأما الذي ينفسخ به عقد المزارعة 184
60 فصل وأما بيان حكم المزارعة المنفسخة الخ 184
61 كتاب المعاملة 185
62 فصل وأما الشرائط المفسدة للمعاملة 186
63 فصل وأما حكم المعاملة الصحيحة الخ 187
64 فصل وأما حكم المعاملة الفاسدة الخ 188
65 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخها 188
66 فصل وأما الذي ينفسح به عقد المعاملة 188
67 فصل وأما حكم المعاملة المنفسخة الخ 188
68 كتاب الشرب 188
69 كتاب الأراضي 192
70 كتاب المفقود 196
71 فصل وأما بيان ما يصنع بماله 196
72 فصل وأما حكم ماله الخ 197
73 كتاب اللقط فصل وأما بيان حاله 197
74 كتاب اللقطة فصل وأما بيان أحوالها الخ 200
75 فصل وأما بيان ما يصنع بها 200
76 كتاب الإباق فصل وأما بيان ما يصنع به 203
77 فصل وأما بيان حكم ماله 203
78 فصل وأما شرائط الاستحقاق الخ 204
79 فصل وأما بيان من يستحق عليه الخ 205
80 فصل وأما بيان قدر المستحق الخ 205
81 كتاب السباق فصل وأما شرائط جوازه الخ 206
82 كتاب الوديعة فصل وأما شرائط الركن الخ 207
83 فصل وأما بيان حكم العقد 207
84 فصل وأما بيان ما يغير حال المعقود عليه 211
85 كتاب العارية فصل وأما الشرائط التي يصير الركن بها إعارة الخ 214
86 فصل وأما بيان حكم العقد الخ 214
87 فصل وأما صفة الحكم الخ 216
88 فصل وأما بيان حال المستعار 217
89 فصل وأما بيان ما يوجب تغير حالها 218
90 كتاب الوقف والصدقة 218
91 فصل وأما شرائط الجواز 219
92 فصل وأما الذي يرجع إلى الموقوف الخ 220
93 فصل وأما حكم الوقف الجائز 220
94 وأما الصدقة الخ 221
95 كتاب الدعوى 221
96 فصل وأما الشرائط المصححة للدعوى 222
97 فصل وأما بيان حد المدعي والمدعى عليه 224
98 فصل وأما بيان حكم الدعوى وما يتصل بها 224
99 فصل وأما حجة المدعي والمدعى عليه 225
100 فصل وأما بيان كيفية اليمين 227
101 فصل وأما حكم أدائه 229
102 فصل وأما حكم الامتناع 230
103 فصل وأما بيان ما تندفع به الخصومة عن المدعى عليه 231
104 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين 232
105 فصل واما بيان ما يظهر به النسب 252
106 فصل وأما صفة النسب الثابت 255
107 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين الخ 255
108 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين في قدر الملك 259
109 فصل وأما بيان حكم الملك والحق ثابت الخ 263
110 كتاب الشهادة فصل وأما الشرائط الخ 266
111 فصل وأما بيان ما يلزم الشاهد الخ 282
112 فصل وأما بيان حكم الشهادة 282
113 كتاب الرجوع عن الشهادة 283