بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ١٢٨
الكلام في هذا الفصل في مواضع في بيان ثبوت حق الرجوع في الهبة وفي بيان شرائط صحه الرجوع بعد ثبوت الحق وفي بيان العوارض المانعة من الرجوع وفي بيان ماهية الرجوع وحكمه شرعا أما ثبوت حق الرجوع فحق الرجوع في الهبة ثابت عندنا خلافا للشافعي رحمه الله احتج بما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يحل لواهب ان يرجع في هبته الا فيما يهب الوالد لولده وهذا نص في مسألة هبة الأجنبي والوالد وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال العائد في هبته كالعائد في قيئه والعود في القئ حرام كذا في الهبة ولان الأصل في العقود هو اللزوم والامتناع بعارض خلل في المقصود ولم يوجد لان المقصود من الهبة اكتساب الصيت باظهار الجود والسخاء لا طلب العوض فمن طلب منهما العوض فقد طلب من العقد ما لم يوضع له فلا يعتبر طلبه أصلا (ولنا) الكتاب والسنة واجماع الصحابة رضي الله عنهم أما الكتاب العزيز فقوله تعالى وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أوردوها والتحية وإن كانت تستعمل في معان من السلام والثناء والهدية بالمال (قال القائل) * تحيتهم بيض بيض الولاء بدينهم * لكن الثالث تفسير مراد بقرينة من نفس الآية الكريمة وهي قوله تعالى أوردوها لان الرد إنما يتحقق في الأعيان لا في الاعراض لأنه عبارة عن إعادة الشئ وذا لا يتصور في الاعراض والمشترك يتعين أحد وجوهه بالدليل وأما السنة فما روى عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الواهب أحق بهبته ما لم يثبت منها أي يعوض جعل عليه الصلاة والسلام الواهب أحق بهبته ما لم يصل إليه العوض وهذا نص في الباب وأما إجماع الصحابة فإنه روى عن سيدنا عمر وسيدنا عثمان وسيدنا على وعبد الله بن سيدنا عمر وأبى الدرداء وفضالة بن عبيد وغيرهم رضي الله عنهم انهم قالوا مثل مذهبنا ولم يرد عن غيرهم خلافه فيكون إجماعا ولان العوض المالي قد يكون مقصودا من هبة الأجانب فان الأسنان قد يهب من الأجنبي احسانا إليه وانعاما عليه وقد يهب له طمعا في المكافأة والمجازاة عرفا وعادة فالموهوب له مندوب إلى ذلك شرعا قال الله تبارك وتعالى هل جزاء الاحسان الا الاحسان وقال عليه الصلاة والسلام من اصطنع إليكم معروفا فكافؤه فإن لم تجد واما تكافؤنه فادعوا له حتى يعلم انكم قد كافأتموه وقال عليه الصلاة والسلام تهادوا تحابوا والتهادى تفاعل من الهدية فيقتضى الفعل من اثنين وقد لا يحصل هذا المقصود من الأجنبي وفوات المقصود من عقد محتمل للفسخ يمنع لزومه كالبيع لأنه يعدم الرضا والرضا في هذا الباب كما هو شرط الصحة فهو شرط اللزوم كما في البيع إذا وجد المشترى بالمبيع عيبا لم يلزمه العقد لعدم الرضا عند عدم حصول المقصود وهو السلامة كذا هذا وأما الحديث الأول فله تأويلان أحدهما انه محمول على الرجوع بغير قضاء ولا رضاء وذلك لا يجوز عندنا الا فيما وهب الوالد لولده فإنه يحل له أخذه من غير رضا الولد ولا قضاء القاضي إذا احتاج إليه للاتفاق على نفسه الثاني انه محمول على نفى الحل من حيث المروءة والخلف لامن حيث الحكم لان نفى الحل يحتمل ذلك قال الله تعالى عز وجل في رسولنا عليه الصلاة والسلام لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج قيل في بعض التأويلات لا يحل لك من حيث المروءة والخلف ان تتزوج عليهن بعدما اخترن إياك والدار الآخرة على الدنيا وما فيها من الزينة لامن حيث الحكم إذ كان يحل له التزوج بغير هن وهذا تأويل الحديث والآخر أن المراد منه التشبيه من حيث ظاهر القبح مروءة وطبيعة لا شريعة الا ترى أنه قال عليه الصلاة والسلام في رواية أخرى العائد في هبته كالكلب يقئ ثم يعود في قيئه وفعل الكلب لا يوصف بالحرمة الشرعية لكنه يوصف بالقبح الطبيعي كذا هذا وقوله فيما يهبه الوالد لولده محمول على أخذ مال ابنه عند الحاجة إليه لكنه سماه رجوعا لتصوره بصورة الرجوع مجازا وان لم يكن رجوعا حقيقة على ما نذكره في تلك المسألة إن شاء الله تعالى وأما شرائط الرجوع بعد ثبوت الحق حتى لا يصح بدون القضاء والرضا لان الرجوع فسخ العقد بعد تمامه وفسخ العقد بعد تمامه يصح بدون القضاء والرضا كالرد بالعيب في البيع بعد القبض وأما العوارض المانعة من الرجوع فأنواع منها هلاك الموهوب لأنه لا سبيل إلى الرجوع في الهالك ولا سبيل إلى الرجوع في قيمته لأنها ليست
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الكفالة 2
2 فصل وأما شرائط الكفالة 5
3 فصل وأما بيان حكم الكفالة 10
4 فصل وأما بيان ما يخرج به الكفيل عن الكفالة 11
5 فصل وأما رجوع الكفيل 13
6 فصل وأما ما يرجع به الكفيل 15
7 كتاب الحوالة 15
8 فصل وأما بيان حكم الحوالة 17
9 فصل وأما بيان ما يخرج به المحال عليه من الحوالة 18
10 فصل وأما بيان الرجوع 19
11 كتاب الوكالة 19
12 فصل وأما بيان ركن التوكيل 20
13 فصل وأما الشرائط فأنواع 20
14 فصل وأما بيان حكم التوكيل 24
15 فصل الوكيلان هل ينفرد أحدهما بالتصرف فيما وكلابه 36
16 فصل وأما بيان ما يخرج به الوكيل عن الوكالة 37
17 كتاب الصلح 39
18 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 40
19 فصل وأما الشرائط التي ترجع إلى المصالح عليه فأنواع 42
20 فصل وأما الذي يرجع إلى المصالح عنه فأنواع 48
21 فصل وأما بيان حكم الصلح الخ 53
22 فصل وأما بيان ما يبطل به الصلح 54
23 فصل وأما بيان حكم الصلح 55
24 كتاب الشركة 56
25 فصل وأما بيان جواز هذه الأنواع الثلاثة 57
26 فصل وأما بيان شرائط جواز هذه الأنواع 58
27 فصل وأما حكم الشركة 65
28 فصل وأما صفة عقد الشركة 77
29 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد الشركة 78
30 كتاب المضاربة فصل وأما ركن العقد الخ 79
31 فصل وأما شرائط الركن الخ 81
32 فصل وأما بيان حكم المضاربة 86
33 فصل وأما صفة هذا العقد 101
34 فصل وأما حكم اختلاف المضارب ورب المال 101
35 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد المضاربة 112
36 كتاب الهبة 115
37 فصل وأما الشرائط 118
38 فصل وأما حكم الهبة 127
39 كتاب الرهن فصل وأما الشرائط 135
40 فصل وأما حكم الرهن 145
41 فصل وأما الذي يتعلق بحال هلاك المرهون 154
42 فصل وأما شرائط كونه مضمونا عند الهلاك 155
43 فصل وأما حكم اختلاف الراهن والمرتهن 174
44 كتاب المزارعة 175
45 فصل وأما ركن المزارعة 176
46 فصل وأما الشرائط الخ 176
47 فصل وأما الذي يرجع إلى الزرع 177
48 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع 177
49 فصل وأما الذي يرجع إلى الخارج 177
50 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع فيه 178
51 فصل وأما الذي يرجع إلى ما عقد عليه 179
52 فصل وبيان هذه الجملة الخ 179
53 فصل وأما الذي يرجع إلى آلة المزارعة الخ 180
54 فصل وأما الذي يرجع إلى مدة المزارعة الخ 180
55 فصل وأما الشرائط المفسدة للمزارعة الخ 180
56 فصل وأما بيان حكم المزارعة الصحيحة 181
57 فصل وأما حكم المزارعة الفاسدة 182
58 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخ المزارعة الخ 183
59 فصل وأما الذي ينفسخ به عقد المزارعة 184
60 فصل وأما بيان حكم المزارعة المنفسخة الخ 184
61 كتاب المعاملة 185
62 فصل وأما الشرائط المفسدة للمعاملة 186
63 فصل وأما حكم المعاملة الصحيحة الخ 187
64 فصل وأما حكم المعاملة الفاسدة الخ 188
65 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخها 188
66 فصل وأما الذي ينفسح به عقد المعاملة 188
67 فصل وأما حكم المعاملة المنفسخة الخ 188
68 كتاب الشرب 188
69 كتاب الأراضي 192
70 كتاب المفقود 196
71 فصل وأما بيان ما يصنع بماله 196
72 فصل وأما حكم ماله الخ 197
73 كتاب اللقط فصل وأما بيان حاله 197
74 كتاب اللقطة فصل وأما بيان أحوالها الخ 200
75 فصل وأما بيان ما يصنع بها 200
76 كتاب الإباق فصل وأما بيان ما يصنع به 203
77 فصل وأما بيان حكم ماله 203
78 فصل وأما شرائط الاستحقاق الخ 204
79 فصل وأما بيان من يستحق عليه الخ 205
80 فصل وأما بيان قدر المستحق الخ 205
81 كتاب السباق فصل وأما شرائط جوازه الخ 206
82 كتاب الوديعة فصل وأما شرائط الركن الخ 207
83 فصل وأما بيان حكم العقد 207
84 فصل وأما بيان ما يغير حال المعقود عليه 211
85 كتاب العارية فصل وأما الشرائط التي يصير الركن بها إعارة الخ 214
86 فصل وأما بيان حكم العقد الخ 214
87 فصل وأما صفة الحكم الخ 216
88 فصل وأما بيان حال المستعار 217
89 فصل وأما بيان ما يوجب تغير حالها 218
90 كتاب الوقف والصدقة 218
91 فصل وأما شرائط الجواز 219
92 فصل وأما الذي يرجع إلى الموقوف الخ 220
93 فصل وأما حكم الوقف الجائز 220
94 وأما الصدقة الخ 221
95 كتاب الدعوى 221
96 فصل وأما الشرائط المصححة للدعوى 222
97 فصل وأما بيان حد المدعي والمدعى عليه 224
98 فصل وأما بيان حكم الدعوى وما يتصل بها 224
99 فصل وأما حجة المدعي والمدعى عليه 225
100 فصل وأما بيان كيفية اليمين 227
101 فصل وأما حكم أدائه 229
102 فصل وأما حكم الامتناع 230
103 فصل وأما بيان ما تندفع به الخصومة عن المدعى عليه 231
104 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين 232
105 فصل واما بيان ما يظهر به النسب 252
106 فصل وأما صفة النسب الثابت 255
107 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين الخ 255
108 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين في قدر الملك 259
109 فصل وأما بيان حكم الملك والحق ثابت الخ 263
110 كتاب الشهادة فصل وأما الشرائط الخ 266
111 فصل وأما بيان ما يلزم الشاهد الخ 282
112 فصل وأما بيان حكم الشهادة 282
113 كتاب الرجوع عن الشهادة 283