بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ١١٧
جعلت هذه الدار لك رقبى أو قال هذه الدار لك رقبى ودفعها إليه فهي عارية في يده في يده له أن يأخذها منه متى شاء وهذا قول أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف هذا هبة وقوله رقبى باطل احتج بما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاز العمرى والرقبى ولان قوله داري لك تمليك العين لا تمليك المنفعة ولما قال رقبى فقد علقه بالشرط وانه لا يحتمل التعليق فبطل الشرط وبقى العقد صحيحا ولهذا لو قال داري لك عمري انه تصح الهبة ويبطل شرط المعمر كذا هذا واحتجا بما روى الشعبي عن شريح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاز العمرى وأبطل الرقبى ومثلهما لا يكذب ولان قوله داري لك رقبى تعليق التمليك بالخطر لان معنى الرقبى أنه يقول إن مت أنا قبلك فهي لك وان مت أنت قبلي فهي لي سمى الرقبى من الرقوب والارتقاب والترقب وهو الانتظار لان كل واحد منهما ينتظر موت صاحبه قبل موته وذلك غير معلوم فكانت الرقبى تعليق التمليك بأمر له خطر الوجود والعدم والتمليكات مما لا تحتمل التعليق بالخطر فلم تصح هبة وصحت عارية لأنه دفع إليه وأطلق له الانتفاع به وهذا معنى العارية وهذا بخلاف العمرى لان هناك وقع التصرف تمليكا للحال فهو بقوله عمري وقت التمليك انه لا يحتمل التوقيت فبطل وبقى العقد على الصحة ولا حجة له في الحديث لان الرقبى تحتمل أن تكون من المراقبة وهي الانتظار ويحتمل أن تكون من الا رقاب وهو هبة الرقبة فان أريد بها الأول كان حجة له وان أريد بها الثاني لا يكون حجة لان ذلك جائز فلا يكون حجة مع الاحتمال أو يحمل على الثاني توفيقا بين الحديثين صيانة لكلام من يستحيل عليه التناقض عنه وبهذا تبين أن لا اختلاف بينهم في الحقيقة إن كان الرقبى والارقاب مستعملان في اللغة في هبة الرقبة وينبغي أن ينوى فان عنى به هبة الرقبة يجوز بلا خلاف وان عنى به مراقبة الموت لا يجوز بلا خلاف ولو قال لرجلين داري لأطولكما حياة فهو باطل لأنه لا يدرى أيهما أطول حياة فكان هذا تعليق التمليك بالخطر فبطل ولو قال داري لك حبيس فهذا عارية عند أبي حنيفة ومحمد وعند أبي يوسف هو هبة وقوله حبيس باطل بمنزلة الرقبى (وجه) قوله أن قوله داري لك تمليك وقوله حبيس نفى الملك فلم يصح النفي وبقى التمليك على حاله (وجه) قولهما أن قوله حبيس خرج تفسيرا لقوله لك فصار كأنه ابتدأ بالحبيس فقال داري حبيس لك ولو قال ذلك كان عارية بالاجماع كذا هذا ولو قال داري رقبى لك كان عارية اجماعا ذكره القاضي في شرحه مختصر الطحاوي ولو وهب جارية على أن يبيعها أو على أن يتخذها أم ولد أو على أن يبيعها لفلان أو على أن يردها عليه بعد شهر جازت الهبة وبطل الشرط لأن هذه الشروط مما لم تمنع وقوع التصرف تمليكا للحال وهي شروط تخالف مقتضى العقد فتبطل ويبقى العقد على الصحة بخلاف شروط الرقبى على ما بينا وبخلاف البيع فإنه تبطله هذه الشروط لان القياس أن لا يكون قران الشرط الفاسد لعقد ما مفسرا له لان ذكره في العقد لم يصح فيلحق بالعدم ويبقى العقد صحيحا الا أن الفساد في البيع للنهي الوارد فيه ولا نهى في الهبة فيبقى الحكم فيه على الأصل ولان دلائل شرعية الهبة عامة مطلقة من نحو قوله تعالى فان طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا وهذا يجرى مجرى الترغيب في أكل المهر وقوله عليه الصلاة والسلام تهادوا تحابوا وهذا ندب إلى التهادي والهدية هبة وروينا عن الصديق رضي الله عنه أنه قال لسيدتنا عائشة رضى الله عنا انى كنت نحلتك كذا وكذا وعن سيدنا عمر رضي الله عنه أنه قال من وهب هبة لصلة رحم أو على وجه صدقة فإنه لا يرجع فيها ومن وهب هبة يرى أنه أراد به الثواب فهو على هبته يرجع فيها ان لم يرض عنها ونحوه من الدلائل المقتضية لشرعية الهبة من غير فصل بين ما قرن بها شرط فاسد أولم يقرن وعلى هذا يخرج ما إذا وهب جارية واستثنى ما في بطنها أو وهب حيوانا واستثنى نما في بطنه أن الهبة جائزة في الام والولد جميعا والاستثناء باطل والكل للموهوب له وجملة الكلام في العقود التي فيها استثناء الحمل أنها أقسام ثلاثة قسم منها يبطل ويبطل الاستثناء جميعا وقسم منها يصح ويبطل الاستثناء وقسم منها يصح ويصح الاستثناء (أما) الأول فهو البيع والإجارة والكتابة والرهن لان الاستثناء لما في البطن بمنزلة شرط فاسد وهذه العقود تبطل بالشروط الفاسدة (وأما) القسم الثاني فالهبة والصدقة والنكاح والخلع والصلح عن دم العمد لأن هذه العقود
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الكفالة 2
2 فصل وأما شرائط الكفالة 5
3 فصل وأما بيان حكم الكفالة 10
4 فصل وأما بيان ما يخرج به الكفيل عن الكفالة 11
5 فصل وأما رجوع الكفيل 13
6 فصل وأما ما يرجع به الكفيل 15
7 كتاب الحوالة 15
8 فصل وأما بيان حكم الحوالة 17
9 فصل وأما بيان ما يخرج به المحال عليه من الحوالة 18
10 فصل وأما بيان الرجوع 19
11 كتاب الوكالة 19
12 فصل وأما بيان ركن التوكيل 20
13 فصل وأما الشرائط فأنواع 20
14 فصل وأما بيان حكم التوكيل 24
15 فصل الوكيلان هل ينفرد أحدهما بالتصرف فيما وكلابه 36
16 فصل وأما بيان ما يخرج به الوكيل عن الوكالة 37
17 كتاب الصلح 39
18 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 40
19 فصل وأما الشرائط التي ترجع إلى المصالح عليه فأنواع 42
20 فصل وأما الذي يرجع إلى المصالح عنه فأنواع 48
21 فصل وأما بيان حكم الصلح الخ 53
22 فصل وأما بيان ما يبطل به الصلح 54
23 فصل وأما بيان حكم الصلح 55
24 كتاب الشركة 56
25 فصل وأما بيان جواز هذه الأنواع الثلاثة 57
26 فصل وأما بيان شرائط جواز هذه الأنواع 58
27 فصل وأما حكم الشركة 65
28 فصل وأما صفة عقد الشركة 77
29 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد الشركة 78
30 كتاب المضاربة فصل وأما ركن العقد الخ 79
31 فصل وأما شرائط الركن الخ 81
32 فصل وأما بيان حكم المضاربة 86
33 فصل وأما صفة هذا العقد 101
34 فصل وأما حكم اختلاف المضارب ورب المال 101
35 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد المضاربة 112
36 كتاب الهبة 115
37 فصل وأما الشرائط 118
38 فصل وأما حكم الهبة 127
39 كتاب الرهن فصل وأما الشرائط 135
40 فصل وأما حكم الرهن 145
41 فصل وأما الذي يتعلق بحال هلاك المرهون 154
42 فصل وأما شرائط كونه مضمونا عند الهلاك 155
43 فصل وأما حكم اختلاف الراهن والمرتهن 174
44 كتاب المزارعة 175
45 فصل وأما ركن المزارعة 176
46 فصل وأما الشرائط الخ 176
47 فصل وأما الذي يرجع إلى الزرع 177
48 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع 177
49 فصل وأما الذي يرجع إلى الخارج 177
50 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع فيه 178
51 فصل وأما الذي يرجع إلى ما عقد عليه 179
52 فصل وبيان هذه الجملة الخ 179
53 فصل وأما الذي يرجع إلى آلة المزارعة الخ 180
54 فصل وأما الذي يرجع إلى مدة المزارعة الخ 180
55 فصل وأما الشرائط المفسدة للمزارعة الخ 180
56 فصل وأما بيان حكم المزارعة الصحيحة 181
57 فصل وأما حكم المزارعة الفاسدة 182
58 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخ المزارعة الخ 183
59 فصل وأما الذي ينفسخ به عقد المزارعة 184
60 فصل وأما بيان حكم المزارعة المنفسخة الخ 184
61 كتاب المعاملة 185
62 فصل وأما الشرائط المفسدة للمعاملة 186
63 فصل وأما حكم المعاملة الصحيحة الخ 187
64 فصل وأما حكم المعاملة الفاسدة الخ 188
65 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخها 188
66 فصل وأما الذي ينفسح به عقد المعاملة 188
67 فصل وأما حكم المعاملة المنفسخة الخ 188
68 كتاب الشرب 188
69 كتاب الأراضي 192
70 كتاب المفقود 196
71 فصل وأما بيان ما يصنع بماله 196
72 فصل وأما حكم ماله الخ 197
73 كتاب اللقط فصل وأما بيان حاله 197
74 كتاب اللقطة فصل وأما بيان أحوالها الخ 200
75 فصل وأما بيان ما يصنع بها 200
76 كتاب الإباق فصل وأما بيان ما يصنع به 203
77 فصل وأما بيان حكم ماله 203
78 فصل وأما شرائط الاستحقاق الخ 204
79 فصل وأما بيان من يستحق عليه الخ 205
80 فصل وأما بيان قدر المستحق الخ 205
81 كتاب السباق فصل وأما شرائط جوازه الخ 206
82 كتاب الوديعة فصل وأما شرائط الركن الخ 207
83 فصل وأما بيان حكم العقد 207
84 فصل وأما بيان ما يغير حال المعقود عليه 211
85 كتاب العارية فصل وأما الشرائط التي يصير الركن بها إعارة الخ 214
86 فصل وأما بيان حكم العقد الخ 214
87 فصل وأما صفة الحكم الخ 216
88 فصل وأما بيان حال المستعار 217
89 فصل وأما بيان ما يوجب تغير حالها 218
90 كتاب الوقف والصدقة 218
91 فصل وأما شرائط الجواز 219
92 فصل وأما الذي يرجع إلى الموقوف الخ 220
93 فصل وأما حكم الوقف الجائز 220
94 وأما الصدقة الخ 221
95 كتاب الدعوى 221
96 فصل وأما الشرائط المصححة للدعوى 222
97 فصل وأما بيان حد المدعي والمدعى عليه 224
98 فصل وأما بيان حكم الدعوى وما يتصل بها 224
99 فصل وأما حجة المدعي والمدعى عليه 225
100 فصل وأما بيان كيفية اليمين 227
101 فصل وأما حكم أدائه 229
102 فصل وأما حكم الامتناع 230
103 فصل وأما بيان ما تندفع به الخصومة عن المدعى عليه 231
104 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين 232
105 فصل واما بيان ما يظهر به النسب 252
106 فصل وأما صفة النسب الثابت 255
107 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين الخ 255
108 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين في قدر الملك 259
109 فصل وأما بيان حكم الملك والحق ثابت الخ 263
110 كتاب الشهادة فصل وأما الشرائط الخ 266
111 فصل وأما بيان ما يلزم الشاهد الخ 282
112 فصل وأما بيان حكم الشهادة 282
113 كتاب الرجوع عن الشهادة 283