بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ١٣٠
ما لم يثب منها أي ما لم يعوض ولان التعويض دليل على أن مقصود الواهب وهو الوصول إلى العوض فإذا وصل فقد حصل مقصوده فيمنع الرجوع وسواء قل العوض أو كثر لما روينا من الحديث من غير فصل فنقول العوض نوعان متأخر عن العقد ومشروط في العقد أما العوض المتأخر عن العقد فالكلام فيه يقع في موضعين أحدهما في بيان شرط جواز هذا التعويض وصيرورة الثاني عوضا والثاني في بيان ماهية هذا التعويض أما الأول فله شرائط ثلاثة الأول مقابلة العوض بالهبة وهو أن يكون التعويض بلفظ يدل على المقابلة نحو أن يقول هذا عوض من هبتك أو بدل عن هبتك أو مكان هبتك أو نحلتك هذا عن هبتك أو تصدقت بهذا بدلا عن هبتك أو كافأتك أو جازيتك أو أتيتك وما يجرى هذا المجرى لان العوض اسم لما يقابل المعوض فلابد من لفظ يدل على المقابلة حتى لو وهب لانسان شيئا وقبضه الموهوب له ثم إن الموهوب له أيضا وهب شيئا للواهب ولم يقل هذا عوض من هبتك ونحو ذلك ما ذكرنا لم يكن عوضا بل كان هبة مبتدأة ولكل واحد منهما حق الرجوع لأنه لم يجعل الباقي مقابلا بالأول لانعدام ما يدل على المقابلة فكانت هبة مبتدأة فيثبت فيها الرجوع والثاني أن لا يكون العوض في العقد مملوكا بذلك العقد حتى لو عوض الموهوب له الواهب بالموهوب لا يصح ولا يكون عوضا وان عوضه ببعض الموهوب عن باقيه فإن كان الموهوب على حاله التي وقع عليها العقد لم يكن عوضا لان التعويض ببعض الموهوب لا يكون مقصود الواهب عادة إذ لو كان ذلك مقصوده لا مسكه ولم يهبه فلم يحصل مقصوده بتعويض بعض ما دخل تحت العقد فلا يبطل حق الرجوع وإن كان الموهوب تغير عن حاله تغيرا يمنع الرجوع فان بعض الموهوب يكون عوضا عن الباقي لأنه بالتغير صار بمنزلة عين أخرى فصلح عوضا هذا إذا وهب شيئا واحدا أو شيئين في عقد واحد فاما إذا وهب شيئين في عقدين فعوض أحدهما عن الآخر فقد اختلف فيه قال أبو حنيفة عليه الرحمة يكون عوضا وقال أبو يوسف لا يكون عوضا (وجه) قول أبى يوسف ان حق الرجوع ثابت في غير ما عوض لأنه موهوب وحق الرجوع في الهبة ثابت شرعا فإذا عوض يقع عن الحق المستحق شرعا فلا يقع موقع العوض بخلاف ما إذا تغير الموهوب فجعل بعضه عوضا عن الباقي انه يجوز وكان مكانا عوضا لان حق الرجوع قد بطل بالتغير فجاز أن يقع موقع العوض (وجه) قولهما انهما ملكا بعقدين متباينين فجاز أن يجعل أحدهما عوضا عن الآخر وهذا لأنه يجوز أن يكون مقصود الواهب من هبته الثانية عود الهبة الأولى لان الانسان قد يهب شيئا ثم يبدو له الرجوع فصار الموهوب بأحد العقدين بمنزلة عين أخرى بخلاف ما إذا عوض بعض الموهوب عن الباقي هو على حاله التي وقع عليها العقد لان بعض الموهوب لا يكون مقصود الواهب فان الانسان لا يهب شيئا ليسلم له بعضه عوضا عن باقيه وقوله حق الرجوع ثابت شرعا نعم لكن الرجوع في الهبة ليس بواجب فلا يمتنع وقوعه عن جهة أخرى كما لو باعه منه ولو وهب له شيئا وتصدق عليه بشئ فعوضه الصدقة من الهبة كانت عوضا بالاجماع على اختلاف الأصلين (اما) على أصل أبي حنيفة ومحمد رحمها الله فلا يشكل لأنهما لو ملكا بعقدين متفقين لجاز أن يكون أحدهما عوضا عن الآخر فعند اختلاف العقدين أولى (وأما) على أصل أبى يوسف رحمه الله فلان الصدقة لا يثبت فيها حق الرجوع فوقعت موقع العوض والثالث سلامة العوض للواهب فإن لم يسلم بان استحق من يده لم يكن عوضا وله أن يرجع في الهبة لان بالاستحقاق تبين ان التعويض لم يصح فكأنه لم يعوض أصلا فله أن يرجع إن كان الموهوب قائما بعينه لم يهلك ولم يزدد خيرا ولم يحدث فيه ما يمنع الرجوع فإن كان قد هلك أو استهلكه الموهوب له لم يضمنه كما لو هلك أو استهلكه قبل التعويض وكذا إذا ازداد خيرا لم يضمن كما قبل التعويض وان استحق بعض العوض وبقى البعض فالباقي عوض عن كل الموهوب وان شاء رد ما بقي من العوض ويرجع في كل الموهوب إن كان قائما في يده ولم يحدث فيه ما يمنع الرجوع وهذا قول أصحابنا الثلاثة وقال زفر يرجع في الهبة بقدر المستحق من العوض (وجه) قوله إن معنى المعاوضة ثبت من الجانبين جميعا فكما أن الثاني عوض عن الأول فالأول يصير عوضا عن الثاني ثم لو استحق بعض الهبة الأولى كان للموهوب له أن
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الكفالة 2
2 فصل وأما شرائط الكفالة 5
3 فصل وأما بيان حكم الكفالة 10
4 فصل وأما بيان ما يخرج به الكفيل عن الكفالة 11
5 فصل وأما رجوع الكفيل 13
6 فصل وأما ما يرجع به الكفيل 15
7 كتاب الحوالة 15
8 فصل وأما بيان حكم الحوالة 17
9 فصل وأما بيان ما يخرج به المحال عليه من الحوالة 18
10 فصل وأما بيان الرجوع 19
11 كتاب الوكالة 19
12 فصل وأما بيان ركن التوكيل 20
13 فصل وأما الشرائط فأنواع 20
14 فصل وأما بيان حكم التوكيل 24
15 فصل الوكيلان هل ينفرد أحدهما بالتصرف فيما وكلابه 36
16 فصل وأما بيان ما يخرج به الوكيل عن الوكالة 37
17 كتاب الصلح 39
18 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 40
19 فصل وأما الشرائط التي ترجع إلى المصالح عليه فأنواع 42
20 فصل وأما الذي يرجع إلى المصالح عنه فأنواع 48
21 فصل وأما بيان حكم الصلح الخ 53
22 فصل وأما بيان ما يبطل به الصلح 54
23 فصل وأما بيان حكم الصلح 55
24 كتاب الشركة 56
25 فصل وأما بيان جواز هذه الأنواع الثلاثة 57
26 فصل وأما بيان شرائط جواز هذه الأنواع 58
27 فصل وأما حكم الشركة 65
28 فصل وأما صفة عقد الشركة 77
29 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد الشركة 78
30 كتاب المضاربة فصل وأما ركن العقد الخ 79
31 فصل وأما شرائط الركن الخ 81
32 فصل وأما بيان حكم المضاربة 86
33 فصل وأما صفة هذا العقد 101
34 فصل وأما حكم اختلاف المضارب ورب المال 101
35 فصل وأما بيان ما يبطل به عقد المضاربة 112
36 كتاب الهبة 115
37 فصل وأما الشرائط 118
38 فصل وأما حكم الهبة 127
39 كتاب الرهن فصل وأما الشرائط 135
40 فصل وأما حكم الرهن 145
41 فصل وأما الذي يتعلق بحال هلاك المرهون 154
42 فصل وأما شرائط كونه مضمونا عند الهلاك 155
43 فصل وأما حكم اختلاف الراهن والمرتهن 174
44 كتاب المزارعة 175
45 فصل وأما ركن المزارعة 176
46 فصل وأما الشرائط الخ 176
47 فصل وأما الذي يرجع إلى الزرع 177
48 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع 177
49 فصل وأما الذي يرجع إلى الخارج 177
50 فصل وأما الذي يرجع إلى المزروع فيه 178
51 فصل وأما الذي يرجع إلى ما عقد عليه 179
52 فصل وبيان هذه الجملة الخ 179
53 فصل وأما الذي يرجع إلى آلة المزارعة الخ 180
54 فصل وأما الذي يرجع إلى مدة المزارعة الخ 180
55 فصل وأما الشرائط المفسدة للمزارعة الخ 180
56 فصل وأما بيان حكم المزارعة الصحيحة 181
57 فصل وأما حكم المزارعة الفاسدة 182
58 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخ المزارعة الخ 183
59 فصل وأما الذي ينفسخ به عقد المزارعة 184
60 فصل وأما بيان حكم المزارعة المنفسخة الخ 184
61 كتاب المعاملة 185
62 فصل وأما الشرائط المفسدة للمعاملة 186
63 فصل وأما حكم المعاملة الصحيحة الخ 187
64 فصل وأما حكم المعاملة الفاسدة الخ 188
65 فصل وأما المعاني التي هي عذر في فسخها 188
66 فصل وأما الذي ينفسح به عقد المعاملة 188
67 فصل وأما حكم المعاملة المنفسخة الخ 188
68 كتاب الشرب 188
69 كتاب الأراضي 192
70 كتاب المفقود 196
71 فصل وأما بيان ما يصنع بماله 196
72 فصل وأما حكم ماله الخ 197
73 كتاب اللقط فصل وأما بيان حاله 197
74 كتاب اللقطة فصل وأما بيان أحوالها الخ 200
75 فصل وأما بيان ما يصنع بها 200
76 كتاب الإباق فصل وأما بيان ما يصنع به 203
77 فصل وأما بيان حكم ماله 203
78 فصل وأما شرائط الاستحقاق الخ 204
79 فصل وأما بيان من يستحق عليه الخ 205
80 فصل وأما بيان قدر المستحق الخ 205
81 كتاب السباق فصل وأما شرائط جوازه الخ 206
82 كتاب الوديعة فصل وأما شرائط الركن الخ 207
83 فصل وأما بيان حكم العقد 207
84 فصل وأما بيان ما يغير حال المعقود عليه 211
85 كتاب العارية فصل وأما الشرائط التي يصير الركن بها إعارة الخ 214
86 فصل وأما بيان حكم العقد الخ 214
87 فصل وأما صفة الحكم الخ 216
88 فصل وأما بيان حال المستعار 217
89 فصل وأما بيان ما يوجب تغير حالها 218
90 كتاب الوقف والصدقة 218
91 فصل وأما شرائط الجواز 219
92 فصل وأما الذي يرجع إلى الموقوف الخ 220
93 فصل وأما حكم الوقف الجائز 220
94 وأما الصدقة الخ 221
95 كتاب الدعوى 221
96 فصل وأما الشرائط المصححة للدعوى 222
97 فصل وأما بيان حد المدعي والمدعى عليه 224
98 فصل وأما بيان حكم الدعوى وما يتصل بها 224
99 فصل وأما حجة المدعي والمدعى عليه 225
100 فصل وأما بيان كيفية اليمين 227
101 فصل وأما حكم أدائه 229
102 فصل وأما حكم الامتناع 230
103 فصل وأما بيان ما تندفع به الخصومة عن المدعى عليه 231
104 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين 232
105 فصل واما بيان ما يظهر به النسب 252
106 فصل وأما صفة النسب الثابت 255
107 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين الخ 255
108 فصل وأما حكم تعارض الدعوتين في قدر الملك 259
109 فصل وأما بيان حكم الملك والحق ثابت الخ 263
110 كتاب الشهادة فصل وأما الشرائط الخ 266
111 فصل وأما بيان ما يلزم الشاهد الخ 282
112 فصل وأما بيان حكم الشهادة 282
113 كتاب الرجوع عن الشهادة 283