المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ١٧٦
بأن يجعل كل واحد منهما نصيبه في حيزه وفى الدين لا يتحقق ذلك ثم القسمة لتوفير المنفعة على كل واحد منهما في نصيبه وقطع الانتفاع عن نصيبه وذلك لا يتحقق في الدين قبل القبض فإذا كان الشرط في عقد السلم أن يوفيه في مكان كذا فقال المسلم إليه خذه في مكانه آخر وخذ منى الكرا إلى ذلك المكان فقبضه كان قبضه جائزا لأنه أخذ حقه ولا يجوز أخذ الكرا لأنه يملك المقبوض بقبضه وإنما يحمل ملك نفسه والانسان في حمل ملك نفسه لا يستوجب الاجر على الغير وإنما يستوجب الاجر على الغير بعمل يعمل للغير لا لنفسه فعليه رد ما أخذ من الكرا وهو بالخيار ان شاء رضي بقبضه وان شاء يرده حتى يوفيه في المكان الذي شرط لأنه إنما رضى بقبضه في غير ذلك المكان بشرط أن يسلم له الكرا فإذا لم يسلم لا يكون راضيا به وبدون رضاه لا يسقط ما كان مستحقا له وهو المطالبة بالايفاء في المكان المشروط فان هلك المقبوض في يده فلا شئ له لأنه تم قبضه للمسلم فيه وإنما كان الباقي له مجرد خيار وقد سقط ذلك بهلاك المقبوض في يده والخيار ليس بمال فلا يستوجب حق الرجوع بشئ عند سقوط خياره. قال (ولا خير في أن يسلم العروض في تراب المعدن ولا في تراب الصواغين) لان عين التراب غير مقصود بل ما فيه من الذهب والفضة وقد بينا أن السلم في الذهب والفضة لا يجوز ولان بذكر وزن التراب لا يصير ما هو المقصود معلوما وقد يخلو بعض التراب منه وقد يقل فيه وقد يكثر فعرفنا أنما هو المقصود مجهول جهالة لا تقبل الاعلام فكان العقد باطلا لذلك ولا بأس بأن يسلم الحنطة وما أشبهها فيما بوزن أو يكال بالرطل لما بينا أن ما يكال بالرطل فهو موزون واسلام المكيل في موزون هو مبيع جائز لأنه لا يجتمع في البدلين أحد الوصفين وهو الجنسية والقدر الواحد وإذا اختلف النوعان مما يكال فلا بأس به اثنان بواحد يدا بيد ولا خير فيه نسيئة وكذلك الموزونات وقد بينا هذه الفصول في أول الكتاب ولا بأس بالبنفسج بالحنا والزئبق والورد رطلين برطل فان الادهان أجناس مختلفة عندنا وعند الشافعي رضي الله عنه ما اتحد أصله منها جنس واحد وفيما اختلف أصله له قولان لان الاسم والهبة واحد وإنما اختلف فيها الرائجة وباختلاف الرائجة لا يختلف الجنس كالمنتن من اللحم مع غير المنتن ولكنا نقول بما حل بكل واحد منهما من الصفة اختلف الأصل والمقصود ومنع عود كل واحد منهما إلى مثل حال صاحبه فيختلف الجنس كالثياب والودارى مع الزنديجي جنسان مع اتحاد الأصل لاختلاف المقصود وعلى
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»
الفهرست