المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ١٧٣
ومحمد رحمهما الله ويطيب له في قول أبى يوسف لأنه أمين فيما قبضه علي وجه الرسالة كالمودع وقد بينا الخلاف في المودع إذا تصرف في الوديعة وربح في كتاب الوديعة وان قضي الكفيل السلم من مال قبل أن يقبضه من المكفول عنه ثم صالح المكفول عنه علي دراهم أو غير ذلك مما يكال أو يوزن أو على عروض أو حيوان فهو جائز ولا يكون استبدالا لان الكفيل هنا مقرض معناه أن ما يرجع به الكفيل علي المسلم إليه لا يكون مسلما فيه لان المسلم فيه ما يجب بعقد السلم ووجوب هذا بعقد الكفالة ثم الكفالة توجب طعام السلم على الكفيل لا للكفيل فعرفنا أنه دين آخر بمنزلة سائر الديون فلم يكن استبدالا ولأنه يصير كالمقرض لما أدى من المسلم إليه وإن لم يكن قرضا على الحقيقة حتى لو أجل المكفول عنه فيه لزمه الاجل والأجل في بدل القرض لا يلزم فعرفنا أن مراده أنه دين آخر سوى السلم فيجوز الاستبدال به قبل القبض وان أكفل رجل لرب السلم برأس ماله قبل أن يترادا فالكفالة باطلة لان الكفالة بما هو واجب في ذمة الأصيل وقيل الإقالة الواجب في ذمة الأصيل لرب السلم المسلم فيه لا رأس المال وإنما كفل بما ليس بواجب له ولم يضف الكفالة إلى سبب الوجوب فكان باطلا بخلاف ما لو قال إذا تقايلتما العقد فأنا كفيل برأس المال لك ولان رأس المال قبل الإقالة حق المسلم إليه فإنما كفل عنه بما هو حقه وذلك ليس من موضوع الكفالة في شئ. قال (وإذا أسلم الرجل في بعض الادهان المربى بالبنفسج والزئبق والحنا وغيره يجوز لأنه موزون مضبوط بالوصف مقدور التسليم من أصحابنا رحمهم الله من قال هذا يجوز في الدهن الصافي أما المربى بالبنفسج وغيره فلا لان المربى يختلف باختلاف ما يرى به من الأدوية والرياحين والصحيح أنه يجوز لأنه يمكن اعلامه باعلام قدر ما يؤدى به. قال (وكل شئ وقع عليه كيل الرطل فهو موزون يريد به الادهان ونحوها لان الرطل إنما يعدل بالوزن إلا أنه يشق عليهم وزن الدهن بالامناء والسنجات في كل وقت لأنه لا يتمسك الا في وعاء وفي وزن كل وعاء نوع حرج فاتخذ الرطل لذلك تيسيرا فعرفنا أن ما يقع عليه كيل الرطل فهو موزون فيجوز السلم فيه بذكر الوزن وإذا أسلم النصراني إلى النصراني في خمر بكيل معلوم فهو جائز وهذا عندنا بناء علي الأصل الذي بينا في كتاب الغصب أن الخمر مال متقوم في حقهم بمنزلة الخل والعصير في حقنا فيجوز السلم فيما بينهم بذكر الكيل والوزن وان أسلم أحدهما قبل قبض خمر السلم بطل السلم ورد المسلم إليه رأس المال لان الاسلام
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست