المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ٨
ميتون ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم كلوه أي اذبحوه وكلوه والمراد بالفرش الصغار فلا يتناول الجنين ولئن كان المراد به الجنس ففيه بيان أن الجنين مأكول وبه نقول ولكن عند وجود الشرط فيه وهو ان ينفصل حيا فيذبح فيحل به والله سبحانه وتعالى أعلم (باب الأضحية) قال رحمه الله تعالى اعلم بأن القرب المالية نوعان نوع بطريق التمليك كالصدقات ونوع بطريق الاتلاف كالعتق ويجتمع في الأضحية معنيان فإنه تقرب بإراقة الدم وهو اتلاف ثم بالتصدق باللحم وهو تمليك. قال (وهي واجبة على المياسير والمقيمين عندنا) وذكر في الجامع عن أبي يوسف أنها سنة وهو قول الشافعي لقوله عليه الصلاة والسلام كتبت علي الأضحية ولم تكتب عليكم وقال عليه الصلاة والسلام خصصت بثلاث وهي لكم سنة الأضحية وصلاة الضحى والوتر. وقال صلى الله عليه وسلم ضحوا فإنها سنة أبيكم إبراهيم عليه السلام وعن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما انهما كانا لا يضحيان السنة والسنتين مخافة أن يراها الناس واجبة وقال أبو مسعود الأنصاري رضي الله عنه انه ليغدو على ألف شاة ويراح فلا أضحي مخافة أن يراها الناس واجبة ولأنها لا تجب على المسافر وكل دم لا يجب على المسافر لا يجب على المقيم كالعنبرة وهذا لأنه لا يفرق بين المسافر والمقيم في العبادات المالية كالزكاة وصدقة الفطر لأنهما لا يستويان في ملك المال وإنما الفرق بينهما في البدن لان المسافر يلحقه المشقة بالأداء بالبدن والدليل عليه ان يحل له التناول منه واطعام الغنى ولو كان واجبا لم يحل له التناول كما في جزاء الصيد ونحوه ولان التقرب بالاتلاف لا يجب ابتداء بل بسبب من العبد كالعتق في الكفارات ولهذا أوجبنا الأضحية بالنذر. وحجتنا في ذلك قوله تعالى فصل لربك وانحر أي وانحر الأضحية والامر يقتضي الوجوب وقال عليه الصلاة والسلام من وجد سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا والحاق الوعيد لا يكون الا بترك الواجب وقال عليه الصلاة والسلام من ضحى قبل الصلاة فليعد ومن لم يضح فليذبح على اسم الله تعالى والامر يفيد الوجوب وفى قوله عليه الصلاة والسلام ضحوا أمر وقوله فإنها سنة أبيكم إبراهيم أي طريقته فالسنة الطريقة في الدين وذلك لا ينفى الوجوب ولا حجة في قوله عليه الصلاة والسلام ولم تكتب عليكم فانا نقول بأنها غير مكتوبة بل هي واجبة فالمكتوب ما يكون فرضا يكفر جاحده فقد كان رسول الله
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 ... » »»
الفهرست