المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ٧
يتأتى الاحتراز عنه في الجملة لأنه قد يتوهم انفصاله حيا ليذبح * وعلل إبراهيم فقال ذكاة نفس لا تكون ذكاة نفسين ومعنى هذا ان الجنين في حكم الحياة نفس على حدة مودعة في الأم حتى ينفصل حيا فيبقى ولا يتوهم بقاء الجزء حيا بعد الانفصال وكذلك بعد موت الأم يتوهم انفصال الجنين حيا ولا يتوهم بقاء حياة الجزء بعد موت الأصل والذكاة تصرف في الحياة فإذا كان في حكم الحياة نفسا على حدة فيشترط فيه ذكاة على حدة ولا نقول يتغذى بغذاء الأم بل يبقيه الله تعالى في بطن الأم من غير غذاء أو يوصل الله إليه الغذاء كيف شاء ثم بعد الانفصال قد يتغذى أيضا بغذاء الأم بواسطة اللبن ولم يكن في حكم الجزء ولما جعل في سائر الأحكام تبعا لم يتصور تقرر ذلك الحكم في الأم دونه حتى لا يتصور انفصاله حيا بعد موت الأم ولو انفصل حيا ثم مات لم يحل عندهم فعرفنا انه ليس يتبع في هذا الحكم وحقيقة المعنى فيه ما بينا ان المطلوب بالذكاة تسييل الدم لتمييز الطاهر من النجس وبذبح الأم لا يحصل هذا المقصود في الجنين أو المقصود تطييب اللحم بالنضج الذي يحصل بالتوقد والتلهيب ولا يحصل ذلك في الجنين بذبح. وهذا الجواب عما قالوا إن الذكاة تنبنى علي التوسع. قلنا نعم ولكن لا يسقط بالعذر وكما لو قتل الكلب الصيد غما أو اختفاء وهذا لان المقصود لا يحصل بدون الجرح وإباحة ذبح الحامل لأنه يتوهم ان ينفصل الجنين حيا فيذبح ولان المقصود لحم الأم وذبح الحيوان لغرض صحيح حلال كما لو ذبح ما ليس بمأكول لمقصود الجلد والمراد بالحديث التنبيه لا النيابة أي ذكاة الجنين كذكاة أمه ألا ترى أنه ذكر الجنين أولا ولو كان المراد النيابة لذكر النائب أولا دون المنوب عنه كما قيل في الألفاظ التي استشهد بها ومثل هذا يذكر للتشبيه يقال فلان شبه أبيه وحظ فلان حظ أبيه وقال القائل وعيناك عيناها وجيدك جيدها * سوى أن عظم الساق منك دقيق والمراد التشبيه ويصح هذا التأويل في الرواية بالنصب فان المنزوع حرف الكاف قال الله تعالى وهي تمر مر السحاب أي كمر السحاب ويحتمل الباء أيضا ولكن ان جعلنا المنزوع حرف الكاف لم يحل الجنين وان جعلناه حرف الباء يحل ومتى اجتمع الموجب للحل والموجب للحرمة يغلب الموجب للحرمة والحديث مع القصة لا يكاد يصح ولو ثبت فالمراد من قولهم فيخرج من بطنها جنين ميت أي مشرف على الموت قال الله تعالى انك ميت وانهم
(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»
الفهرست