المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ١٠٢
في رد ما بقي فإذا لم يكن العوض مشروطا فإنه لا يصير معاوضة بالتقابض في حكم الرد بالعيب فيرد سدس الهبة ولا يكون له أن يسترد العوض لان ملكه على سبيل الهبة وقد مات الموهوب له فلا رجوع له فيه بعد ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم باب هبة المريض (قال ولا يجوز هبة المريض ولا صدقته الا مقبوضة فإذا قبضت جازت) وقال ابن أبي ليلى تجوز غير مقبوضة لأنها وصية بدليل انها تعتبر من الثلث فالوصية تتأكد بالموت قبضت أو لم تقبض ولا تبطل به فكذلك الهبة في المرض وهذا لان المرض سبب الموت وجعل ما يباشره المريض في الحكم كالثابت بعد موته حتى لو طلق زوجته ثلاثا ورثته بمنزلة ما لو وقعت الفرقة بينهما بالموت فهذا مثله وكلنا نقول المعنى الذي له ولأجله لا تتم الهبة والصدقة من الصحيح الا بالقبض موجود في حق المريض وهو أنه تمليك بعقد تبرع فيكون ضعيفا في نفسه لا يفيد حكمه حتى ينضم إليه ما يؤيده وهذا في حق المريض أظهر لان تصرفه أضعف من تصرف الصحيح واعتباره من الثلث لا يدل على أنه غير ثابت في الحال ككفالته فاعتاقه وهذا بخلاف الوصية فإنها خلافة ثم الملك من ثمراتها والخلافة لا تكون الا بعد الموت وهذا عقد تمليك لا يحتمل الإضافة فإذا لم يتفق قبل الموت تبطل بالموت كالبيع الموقوف إذا لم يتصل به الإجازة حتى مات أحدهما ولا يقول الطلاق يصير كالمضاف ولكن تقام العدة عند الموت مقام حقيقة النكاح أنها لحقها في ماله بعد تعلقه ولهذا اعتبرنا هبته من الثلث هنا وان حق الوارث تعلق بثلثي ماله بمرضه فلابقاء حقهم جعلنا هبته من الثلث. قال فإن كانت الهبة دارا فقبضها ثم مات ولا مال له غيرها جازت الهبة في ثلثها ورد الثلثين إلى الورثة (وكذلك) سائر ما يقسم ومالا يقسم الا فيما لا ينقسم فلا اشكال وأما فيما يقسم فلان الموهوب له ملك الكل بالقبض ثم بطل ملكه في الثلثين بعد موته إذا لم تجز الورثة فكان هذا شيوعا طارئا فيما بقي بخلاف ما إذا استحق نصف الدار فإنه يتبين انه لا يملك المستحق بالقبض وقد بطل العقد فيه من الأصل فلو جاز في الباقي كان شائعا فيما يحتمل القسمة وذلك يمنع ابتداء الملك بالهبة. قال فإن كانت الهبة جارية فكاتبها الموهوب له ثم مات المريض ولا مال له غيرها فعلى الموهوب له ثلثا قيمته للورثة ولا ترد الكتابة لان
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»
الفهرست