المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ٢٠٨
يصح ابراؤهما وتأجيلهما فيما وجب للصبي بعقدهما عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وكانا ضامنين له فأما فيما وجب لا بعقد هما لا يصح لأنهما ثابتان أمرا بالتصرف في ماله على وجه الأحسن وذلك لا يحصل بالابراء. قال (والتأجيل و المتاركة من الوكيل بالثمن صحيح في حق المسلم إليه بخلاف الوكيل بالشراء فان إقالته لا تصح) لان هناك عين المشترى مملوك للموكل فالاقالة تصرف منه في محل هو حق الغير وهنا المسلم فيه دين والثابت به حق القبض ما دام في الذمة وهو حق الوكيل وان احتال بالمسلم فيه على ملي أو غير ملي جاز عليه خاصة ويضمن للأم طعامه لأنه تصرف في خالص حقه بالتحويل من محل إلى محل فهو على الخلاف الذي بينا في الابراء ويستوفى في حكم الضمان أن يكون المحتال عليه أعلا أو أسفل بخلاف الأب والوصي فإنهما لو قبلا الحوالة على من هو أعلا لم يضمنا شيئا لأنه تصرف منهما في حق الصبي علي وجه الأحسن وهما يملكان المبادلة في حقه بصفة النظر فإذا بادلا ذمة بذمة على وجه النظر لم يضمنا والوكيل لا يملك مثله في حق الموكل فلهذا ضمنه. قال (وان اقتضى الطعام أدون من شرطه فهو جائز) لأنه أبرأه عن صفة الجودة ولو أبرأه عن أصله جاز وضمن للموكل مثل طعامه عندهما فكذلك إذا رضى بدون حقه وإذا عقد الوكيل السلم ثم أمر الموكل بأداء رأس المال وذهب الوكيل بطل السلم لان وجوب قبض رأس المال قبل الافتراق من حقوق العقد فيتعلق بالعاقد وهو الوكيل والموكل فيه كأجنبي آخر فلا معتبر ببقائه في المجلس بعد ذهاب العاقد ولا بذهابه إذا بقي المتعاقدان في المجلس فإذا وكله أن يسلم له عشرة دراهم في كر حنطة فأسلمها في قفيز حنطة فهو جائز على الوكيل دون الموكل لأنه وكيل بالشراء فالسلم فيه مبيع ورب السلم مشترى والوكيل بالشراء لا يملك الشراء في حق الموكل بالغبن الفاحش لما فيه من التهمة أنه باشر التصرف لنفسه ثم لما علم بالغبن أراد أن يلزمه الموكل فإذا نفذ العقد عليه ضمن للموكل كل دراهمه لأنه قضى بدراهمه دين نفسه فان أسلمها في حنطة يكون نقصانها عن رأس المال مما يتغابن الناس في مثله جاز على الموكل لان هنا العذر لا يستطاع الامتناع عنه الا بحرج فكان عفوا في تصرفه لغيره شراء كان أو بيعا. قال (وإذ وكله أن يسلم له عشره دراهم في طعام فالطعام الدقيق والحنطة عندنا استحسانا وفى القياس هذا التوكيل باطل) لان اسم الطعام حقيقة لكل مطعوم بدليل ما لو حلف أن لا يأكل طعاما وما لو أوصى للانسان بطعامه والمطعومات أجناس مختلفة وجهالة الجنس تمنع صحة الوكالة ولكنه
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»
الفهرست