المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ٢٠٣
بورقكم هذه إلى المدينة) الآية ومن دفع إلى آخر دراهم ليشترى بها شيئا فان المدفوع إليه يكون وكيلا من جهة الدافع ورى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دفع إلى حكيم ابن حزام أو إلى عروة البارقي رضي الله عنهما دينارا ليشترى له به أضحية فدل أن التوكيل جائز في البيع فكذلك في السلم لان السلم نوع بيع على ما عرف وكذلك الناس تعاملوا من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا التوكيل في البيع والسلم جميعا فإذا عرفنا هذا فنقول الوكيل في السلم كالعاقد لنفسه في حقوق العقد حتى تتوجه عليه المطالبة بتسليم رأس المال دون الموكل وكذلك حق قبض المسلم فيه عند حلول الأجل يكون للوكيل دون الموكل وهذا عندنا وعند الشافعي رحمه الله ذلك للموكل كله وعليه وأصل المسألة في البيع فان حقوق العقد في البيع والشراء تتعلق بالوكيل عندنا وعند الشافعي رحمه الله بالموكل. قال (لان الوكيل سفير ومعبر عنه بمنزلة الرسول فإذا عقد العقد خرج من السوط وصار في الحكم كأن الموكل عقد بنفسه) ألا ترى أن ما هو حكم العقد وهو الملك يثبت للموكل دون الوكيل فكذلك في سائر أحكامه وشبه هذا بالوكيل بالنكاح فإنه لا يتوجه عليه المطالبة بالصداق ولا يكون له حق قبض المعقود عليه بل ذلك كله للموكل والجامع بينهما أن كل واحد منها عقد معاوضة فتتعلق أحكامه بمن قصد تحصيله لنفسه دون من عبر عنه ولنا أن العاقد هو الوكيل وسبب تعلق حقوق العقد بالمرء مباشرته العقد وثبوت الحكم باعتبار السبب فإذا كان هو العاقد حقيقة وحكما تتعلق حقوق العقد به كما لو باشر العقد لنفسه وهذا لان ولايته مباشرة العقد باعتبار أهليته وباعتبار كون ما هو ركن العقد وهو الكلام من خالص حقه وذلك لا يختلف بمباشرته لنفسه أو لغيره ونفوذه شرعا باعتبار ولايته الأصلية لا أن يثبت له بأمر الموكل إياه ولاية لم تكن ثابتة من قبل هذا لبيان أنه عاقد حقيقة وشرعا ومن حيث الحكم فلانه مستغن عن إضافة العقد إلى الموكل ولو كان معبرا عنه لم يستغن عن ذكره عند العقد فثبت أنه عاقد حكما مباشر للعقد بخلاف لرسول فإنه عبارة عن مبلغ الامر إلى من أرسل إليه ولا يستغنى عن الإضافة إليه وكذلك الوكيل بالنكاح فإنه لا يستغنى عن إضافة العقد إلى الموكل حتى لو قال تزوجتك كان النكاح له دون الموكل فاما حكم العقد وهو الملك ففيه طريقان (أحدهما) أنه يثبت للوكيل ثم ينتقل منه إلى الموكل من ساعته كما اتفقا عليه بالتوكيل السابق ومباشرته السبب تستدعي ثبوت الحكم إلا أنه يستقر له فيثبت أولا له
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»
الفهرست