المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ١٧١
بالبينة وإذا أسلم عشرة دراهم في كر حنطة فأقام رب السلم البينة أنهما تفرقا قبل قبض المسلم إليه رأس المال وأقام المسلم إليه البينة أنه قبض رأس المال قبل أن يفترقا فالسلم جائز ويؤخذ بينة المسلم إليه لأنها تثبت القبض في المجلس وبينة رب السلم تنفى ذلك والبينات تترجح بالاثبات ولم يذكر في الكتاب أنه لو لم يكن لهما بينة فالقول قول من يكون وأورد هذا في اختلاف زفر ويعقوب رحمهما الله وقال على قول زفر القول قول من يدعى القبض منهما لأن العقد لا يتم الا بقبض رأس المال فكان اتفاقهما على العقد اتفاقا منهما على قبض رأس المال والذي ينكر القبض في حكم الراجع عن الاقرار وقد قررنا هذا المعنى في الاجل فكذلك في قبض رأس المال وعند أبي يوسف رحمه الله القول قول الذي في يده رأس المال لان الآخر يدعى تملك ما في يده عليه وهو منكر والقول قول المنكر فإن كان رأس المال في يد رب السلم فظاهر لان المسلم إليه يدعى أنه يملك ما في يده بالقبض وانه غصبه منه بعد ذلك وإن كان في يد المسلم إليه فرب السلم يدعى أنه غصبه منه والمسلم إليه منكر لذلك فكان القول قول المنكر لذلك فلو كانت الدراهم في يد رب السلم بأعيانها فقال المسلم إليه أو دعتها إياه أو غصبها بعد قبضي لها وقد قامت البينة بالقبض فكان القول قوله ويقضي له بالدراهم لأنه لما أثبت قبضه بالبينة فقد تم ملكه فيها ثم ظهرت في يد غيره بعد ذلك فيؤمر بردها عليه سواء زعم أن وصولها إلى يده بالوديعة أو بالغصب ولو أسلم فلوسا في طعام يجوز لان هذا عددي متقارب يصلح أو يكون ثمنا في باب البيع فيصلح أن يكون رأس المال في باب السلم ولا يجوز في الصفر رجل باع عبدا أو ثوبا بشئ مما يكال أو يوزن ثم تفرقا قبل أن يقبض المشترى ما اشترى فالبيع جائز لأنهما تفرقا عن عين بدين وذلك جائز في البيع كما لو اشترى شيئا بثمن موجل وقبض المشترى وتفرقا أو تفرقا قبل قبض المشترى وقد بينا أن القياس في السلم هكذا ولكنا تركنا القياس هناك لمقتضي اسم السلم واليه أشار في الفرق فقال لو باعه ثوبا بحنطة وسمى الكيل ولم يجعل له أجلا كان جائز أو لو أسلم هذا الثوب في كر حنطة موصوفة ولم يجعل له أجلا كان فاسدا ومعنى هذا الاستشهاد ان التأجيل في السلم في المسلم فيه جعل شرطا لتحقق معنى الاسم فكذلك التعجيل في رأس المال مقتضي الاسم بخلاف البيع وقد بينا أن جواز أخذ الرهن بالمسلم فيه وان بهلاك الرهن يصير المرتهن مستوفيا حقه من مالية الراهن إذا كان فيه وفاء بحقه فسقط حق رب السلم عن المطالبة
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»
الفهرست