المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ١٧٤
وجد الخمر مملوكة بالعقد غير مقبوضة فيجعل وجود اسلام أحدهما عند القبض كوجوده عند العقد وهذا لان قبض المسلم فيه قبض تملك فإنه بعقد السلم ملك المسلم فيه دينا وإنما يتعين ملكه بالقبض فإن كان رجل رب السلم هو الذي أسلم فالمسلم لا يملك الخمر بحكم عقده فإن كان المسلم إليه هو الذي أسلم فليس له أن يملك الخمر من غيره بعقد فعلمنا أنه تحقق فوات قبض المسلم فيه وذلك مبطل للعقد فان المسلم فيه مبيع ومتى تحقق فوات قبض المبيع بطل البيع كما إذا تحقق ذلك بالهلاك في بيع العين وإن كان قبض بعضه بطل ما بقي وجاز ما قبض لان ملكه تم في المقبوض فباسلامه بعد ذلك لا يبطل ولكن اسلامه يمنع من قبض ما بقي العقد فيه لفوات القبض وهذا لان السبب الطارئ يلاقى المنتهى بالعفو عنه والقائم بالرد قال الله تعالى (وذروا ما بقي من الربا ان كنتم مؤمنين) فبنزول حكم الربا إنما لزمهم ترك ما لم يقبضوا لا رد ما قبضوا منه فهذا مثله ثم النصراني والمسلم في حكم السلم سواء ما خلى الخمر حتى لا يجوز السلم بينهم في المنقطع لان فساد ذلك فيما بين المسلمين لعجز العاقد عن تسليم المعقود عليه وهم في ذلك كالمسلمين والسلم بينهم في الخنزير لا يجوز بمنزلة السلم في الشاة بين المسلمين لان امتناع جواز السلم في الحيوان لمعنى الجهالة وهم يستوون في ذلك بالمسلمين وإذا أسلم في طعام جيد من طعام العراق أو الشام فهو جائز بخلاف ما لو أسلم في طعام قرية أو قراح بعينه لان ذلك يتوهم انقطاعه بآفة فاما طعام ولاية كالعراق والشام لا يتوهم انقطاعه عرفا بآفة فإنما أسلم فيما هو مقدور التسليم وقت وجوب التسليم ولا بأس بالسلم في الصوف وزنا لأنه موزون معلوم في نفسه وان اشترى كذا جزة بغير وزن لم يجز للجهالة لان مقدار الصوف في كل جزة غير معلوم وذلك يتفاوت على وجه يفضى إلى المنازعة بينهما وان أسلم في صوف غنم يعينها لم يجز لان ذلك يتوهم انقطاعه بالهلاك ولان تعين محل المسلم فيه كتعين المسلم فيه ولأنه لو باع الصوف الذي على ظهر الشاة بعينه لا يجوز فكذلك إذا أسلم فيه وكذلك ألبانها وسمونها لما بينا ولأن هذه الأعيان ما دامت متصلة بالحيوان فهي وصف للحيوان ولا تثبت فيها المالية مقصودا الا بعد الانفصال فلا تكون قابلة للعقد مقصودا وكذلك أن أسلم في سمن حديث أو زيت حديث في غير حينه وجعل أجله في حينه فلا خير فيه لأنه منقطع في الحال من أيدي الناس وكذلك لا خير في السلم في الحنطة الحديثة لأنها اليوم منقطعة عن أيد الناس ولا يدرى أيكون في تلك السنة أم
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»
الفهرست