المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ١٨١
بينهما وبهذا يقع الفرق بين هذا وبين ما تقدم من الفصول ولكن بهذا التقرير لا يتضح الفرق في جميع الفصول فان بيع دهن الجوز بالجوز لا يجوز الا بطريق الاعتبار والجوز ليس بمقدر ولهذا يجوز بيع جوزة بجوزتين ولكن نقول اللحم في شراء الحيوان غير مقصود وإنما المقصود منه الدر والنسل والإسامة ليزداد عينها بالسمن فأما اللحم آخر المقاصد من الحيوان وإنما تعتبر المجانسة بما في الضمن إذا كان مقصودا والدليل عليه أن المالية في الحيوان لا تختلف باختلاف اللحم فقد نرى فرسين أو نجبين يتساويان في اللحم و يتفاوتان في القيمة تفاوتا فاحشا والبيع مبادلة مال بمال فإذا كانت مالية الحيوان لا تعرف بمقدار اللحم لا يعتبر ذلك في البيع قبل الذبح بخلاف جميع ما تقدم فالمالية هنا تخلف باختلاف مقدار الدقيق في الحنطة والدهن في السمسم والجوز ونحو ذلك نوضحه ان اللحم في الحيوان وإن كان موجودا حقيقة فهو كالمعدوم حكما حتى لو أخذ بضعة من لحم الحيوان لا يباح تناولها عرفنا أن مقصود اللحم حاصل الذبح حكما فلا يعتبر قبله وعلى هذا الحرف نقول في مسألة الصوف واللبن الجواب قولهم جميعا فإنه مال موجود قبل الفصل ألا ترى أنه مفصل من الحيوان فيجوز الانتفاع به وهذا لأنه لا حياة في الصوف واللبن فكان الحال فيهما قبل الذبح وبعد الذبح سواء وعلي الطريق الأول هو على الخلاف كما ذكره الطحاوي لان مالية الشاة لا تعرف بما على ظهرها من الصوف ولا بما في ضرعها من اللبن كما لا تعرف ماليه الحيوان بمقدار اللحم فان باع لحم شاة بالبقر والإبل جاز عندنا وعلى قول زفر والشافعي رحمهما الله لا يجوز بيع اللحم بالحيوان أصلا لحديث سعيد بن المسيب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع اللحم بالحيوان وروى أن جزورا نحر على عهد أبى بكر رضى الله تعالى عنه فجاء رجل بعناق وقال اعطوني بهذا العنان قطعة من هذا اللحم فقال أبو بكر رضي الله عنه هذا لا يصلح ولكنا نقول هما جنسان مختلفان فيجوز بيع أحدهما بالآخر كيف ما كان يدا بيد كما يجوز بيع الشاة بالبقر والأصل فيه قوله صلى الله عليه وسلم وإذا اختلف النوعان فبيعوا كيف شئتم بعد أن يكون يدا بيد والمراد بالنهي عن بيع الحيوان إذا كان أحدهما نسيئة فقد ذكر ذلك في بعض الروايات وبه نقول فان السلم في كل واحد منهما لا يجوز عند أبي حنيفة وتأويل حديث أبي بكر رضي الله عنه أن ذلك البعير كان من إبل الصدقة فكره أبو بكر رضي الله عنه بيع لحمه لأنه إنما نحر ليتصدق به على الفقراء فلهذا قال
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»
الفهرست