المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ١٨٠
الحرام فإذا لم تعلم المساواة جعل ذلك لتحقق الفضل احتياطا فيفسد العقد وان علم أن ما في الزيتون من الزيت أقل من المفصل فالبيع جائز لان المثل يصير بإزاء المثل والباقي من الزيت بإزاء التفل فلا يظهر الفضل الخالي عن المقابلة بهذا الطريق وكذلك دهن السمسم بالسمسم والعصير بالعنب واللبن بالسمن والرطب بالدبس ولا خير في شئ من ذلك نسيئة لوجود الجنسية بينهما باعتبار ما في الضمن ولا بأس بخل الخمر بخل السكر متفاضلا يدا بيد لأنهما جنسان فانا أصلهما جنسان لان السكر ماء التمر والخمر بالعنب وكما أن العنب مع التمر جنسان فكذلك الخل المتخذ منهما فيجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلا ولا خير في ذلك نسيئة لأنه جميعهما قدر واحد وهو الكيل والوزن وان اشترى شاة بصوف وعلى ظهرها صوف أو شاة في ضرعها لبن بلبن فان ذلك لا يجوز الا بطريق الاعتبار وهو ان يعلم أن اللبن المنفصل أكثر مما في الضرع وان الصوف المجزوز أكثر مما على ظهر الشاة وذكر الطحاوي ان هذا على الخلاف وجعله نظير بيع لحم الشاه بالشاة فان عند أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى يجوز بيع لحم الشاة بالشاة الحية علي كل حال وعند محمد لا يجوز الا بطريق الاعتبار وهو أن يعلم أن اللحم المنفصل أكثر من اللحم الذي في الشاة فيكون المثل بالمثل والباقي بإزاء المسقط وهو القياس لان المجانسة بين الشاة واللحم ثابتة باعتبار ما في الضمن فلا يجوز البيع الا بطريق الاعتبار كما في الفصول المتقدمة وبيان ذلك أن اللحم موجود في الشاة وهو المقصود وبه تختلف المالية ألا ترى أن الشاة في الغنيمة من جملة الطعام يباح لكل واحد من الغانمين تناوله وذلك باعتبار ما فيه من اللحم بل وجود اللحم في الشاة أبين أظهر من وجود الدهن في السمسم فان ذلك حادث بالعصير حكما ولهذا كان ملكا للغاصب واللحم لا يحدث بالذبح ولهذا لو غصب شاة فذبحها لم يكن اللحم له والذبح نقصان محض بمنزلة القطع في الثوب فلا يحدث به اللحم وهو ازهاق الحياة فيفوت به معنى النسل بمنزلة القلى في الحنطة يفوت ما كانت الحنطة باعتباره مثبتة وإذا ثبت أن اللحم موجود قبل الذبح لا يجوز البيع الا بطريق الاعتبار وجه قولهما أنه باع عدديا متفاوتا بوزني فيجوز كيف ما كان كما لو باع الثوب بالقطن وبيان الوصف ان الحيوان عددي متفاوت ولهذا لا يجوز السلم فيها ويجوز بيع الشاة بالشاتين وتأثيره أن المجانسة باعتبار ما في الضمن أنما تطلب إذا كان كل واحد من البدلين مقدرا فاما إذا لم يكن أحدهما مقدرا لا يشتغل بطلب المجانسة
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»
الفهرست