مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٧ - الصفحة ٦٠٧
انتهى. وقال الجلال السيوطي في حاشية البخاري: قوله: لا حمى إلا لله ولرسوله قال الشافعي: يحتمل معنيين: أحدهما لا حمى إلا ما حماه (ص). والثاني لا حمى إلا مثل ما حماه. فعلى الأول ليس لأحد من الولاة أن يحمي بعده، وعلى الثاني يختص بمن قام مقامه فهو الخليفة دون سائر نوابه انتهى. ومقتضى كلامه أنه يتفق على أنه ليس لنواب الامام أن يحموا. وقال في فتح الباري: والأرجح عند الشافعية أن الحمى يختص بالخليفة، ومنهم من ألحق به ولاة الأقاليم، ومحل الجواز أن لا يضر بكافة المسلمين انتهى. والذي اقتصر عليه صاحب الارشاد من الشافعية أن الحمى لا يختص بالامام بل لولاته أن يحموا. وقال ابن أبي شريف في شرحه: إنه الأصح، والذي رأيته في كلام كثير من أصحابنا المالكية أنه يجوز للامام أن يحمي بالشروط التي تقدم ذكرها، ولم يتكلموا على نوابه، ولكن مقتضى كلام أهل المذهب أن ذلك بحسب عموم الولاية وخصوصها، فإذا عم الامام الولاية على بلد لأمير جاز له أن يحمي، وأحرى إذا فوض إليه النظر في أمر الحمى والله أعلم.
السادس: قال ابن عرفة بعد أن ذكر كلام عبد الحق المتقدم: لفظ النقيع وجدته في نسخة صحيحة من الباجي ومن أحكام عبد الحق بالنون قبل القاف، وذكره البكري بالباء قبل القاف، وكذا وجدته في نسخة صحيحة من النوادر وهو مقتضى قول اللغويين. قال الجوهري في حرف الباء: والبقيع موضع فيه أروم الشجر من ضروب شتى وبه سمى بقيع الغرقد وهو مقبرة المدينة، ونحوه في مختصر العين، ومثله لابن سيده وزاد: والغرقد شجر له شوك كان ينبت هناك فذهب وبقي الاسم لازما للموضع. ولم يذكر أحد منهم النقيع بالنون قبل القاف أنه اسم موضع مع كثرة ما جلب فيه ابن سيده في المحكم. وقال الباجي في آخر الموطأ في ترجمة ما يتقى من دعوة المظلوم وفيه ذكر الحمى فقال الباجي: وهذا الحمى هو النقيع بالنون ولم يتكلم عياض في مشارقه على هذه الكلمة لعدم وقوعها في الموطأ والصحيحين انتهى.
قلت: وكأنه رحمه الله لم يقف على ما ذكره القاضي عياض في المشارق في آخر حرف الباء الموحدة لما ذكر أسماء المواضع ونصه: بقيع الغرقد الذي فيه مقبرة المدينة بباء بغير خلاف. وسمي بذلك لشجرات غرقد هو العوسج كانت فيه، وكذلك بقيع بطحان جاء في الحديث وهو بالباء أيضا. قال الخليل: البقيع كل موضع من الأرض فيه شجر شتى، وأما الحمى الذي حماه النبي (ص) ثم عمر بعده وهو الذي يضاف إليه في الحديث غرز النقيع وفي الآخر بقدح له لبن من النقيع وحمى النقيع وهو على عشرين فرسخا من المدينة وهو صدر وادي العقيق وهو أخصب موضع هنالك، وهو ميل في بريد وفيه شجر ويستجم حتى يغيب فيه الراكب. فاختلف الرواة وأهل المعرفة في ضبطه فوقع عند أكثر رواة البخاري بالنون وكذا قيده النسفي وأبو ذر والقابسي وسمعناه في مسلم من أبي بحر بالباء، وكذا روى عن ابن
(٦٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 602 603 604 605 606 607 608 609 610 611 612 ... » »»
الفهرست