مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٧ - الصفحة ٦١٢
مقول القول محذوف لدلالة السياق عليه ولأنه لا يتعين في لفظ مخصوص نحو يا أمير المؤمنين أنا فقير أنا محتاج إلى كذا. وقوله: أفتاركهم أنا استفهام إنكاري أي لا أتركهم محتاجين. وقوله: لا أبا لك بفتح الموحدة من غير تنوين ثم اختلف فيه، فعند سيبويه والجمهور أنه مضاف واللازم زائدة مؤكدة لمعنى الإضافة وهي معتد بها من حيث إن اسم لا لا يضاف لمعرفة فاللام لصورة الإضافة، وغير معتد بها من حيث إن ما قبلها منصوب بالألف واللام وإنما ينصب بها إذا كان مضافا، ويشكل عليهم لا أبالي بالألف واللام فإنه لا ينصب بالألف إذا أضيف للياء. وقال ابن الحاجب وابن مالك: إنه شبيه بالمضاف، ويشكل على قولهما حذف التنوين. وسمع من قولهم: لا أباك بدون لام وهو مشكل. وظاهر كلامهم أنه لم يسمع لا أبا لك ولو سمع لأمكن توجيهه بأنه شبيه بالمضاف. والخبر على هذه الأوجه محذوف. وسمع من كلامهم لا أبا لك بالبناء على الفتح وهو القياس. وقوله: لك هو الخبر على هذا الوجه، ولو قال: لا أب لك بالرفع والتنوين صح، وهذا اللفظ ظاهره الدعاء عليه. قال في فتح الباري: وهو على المجاز لا على الحقيقة. وقوله: إنهم ليرون قال في فتح الباري: بضم التحتية أوله بمعنى الظن، وبفتحها بمعنى الاعتقاد قوله: إني قد ظلمتهم.
فرع: قال ابن حجر: قال ابن التين: يريد أرباب المواشي الكثيرة، والذي يظهر لي أنه أراد أرباب المواشي القليلة لأنهم الأكثر وهم أهل تلك البلاد من نواحي المدينة، ويدل على ذلك قوله: إنها لبلادهم. وقد أخرج ابن سعد في الطبقات أن عمر رضي الله عنه أتاه رجل من أهل البادية فقال: يا أمير المؤمنين. بلادنا قاتلنا عليها في الجاهلية وأسلمنا عليها في الاسلام ثم تحمي علينا، فجعل عمر ينفخ ويفتل شاربه. وأخرج الدارقطني في غرائب مالك نحوه وزاد:
فلما رأى الرجل ذلك ألح عليه فلما أكثر عليه قال رضي الله عنه: المال مال الله والعباد عباد الله والأرض أرض الله ما أنا بفاعل انتهى.
قلت: والظاهر أن الضمير في يرون يعود إلى أصحاب المواشي الممنوعين، سواء كانت مواشيهم كثيرة أو قليلة. ثم قال في فتح الباري: وقال ابن المنير: لم يدخل ابن عفان ولا ابن عوف في قوله: قاتلوا عليها في الجاهلية فالكلام عائد على عموم أهل المدينة لا عليها انتهى.
قال الشيخ ابن أبي زيد في النوادر: وقال عمر رضي الله عنه لرجل من العرب عاتبه في الحمى:
بلاد الله حميت لمال الله انتهى. وقوله: لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله قال في فتح الباري: أي من الإبل التي كان يحمل عليها من لا يجد مركبا. وجاء عن مالك أن عدة ما كان في الحمى في عهد عمر بلغ أربعين ألفا من إبل وخيل بينها انتهى. وقال الأسنوي: قوله:
لولا المال الذي أحمل عليه أي الخيل التي أعددتها لأحمل عليها من لا مركوب له. قال مالك رضي الله عنه: وكانت عدتها أربعين ألفا انتهى. وهو مخاف لما ذكره في فتح الباري.
(٦١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 607 608 609 610 611 612 613 614 615 616 617 ... » »»
الفهرست