مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٧ - الصفحة ٦١٣
الرابع عشر: قال ابن عرفة: قال أبو عمر: فيه ما كان عليه عمر من التقى وأنه لا يخاف في الله لومة لائم لأنه لم يداهن عثمان ولا عبد الرحمن، وآثر المساكين والضعفاء، وبين وجه ذلك، وامتثل قوله (ص): لا حمى إلا لله ولرسوله يعني إبل الصدقة اه‍. قال ابن عرفة لما ذكر عن الباجي أنه يحمي لماشية الصدقة قلت: يقوم منه طول تأخير صرف الزكاة إذا كان لتأخير مصرفها انتهى.
الخامس عشر: قال الشافعية: إن ما حماه الرسول (ص) لا ينقض فلا ينقض حمى النقيع، وأما ما حماه غيره من الولاة فيجوز نقضه لمصلحة، وسواء كان الناقض هو الذي حماه أو غيره.
قلت: هذا ظاهر إن ثبت أنه (ص) لما حمى النقيع أمر أن يجعل ذلك حمى للمسلمين دائما، وأما إذا حماه في سنة من السنين ولم يفهم أن ذلك حكم مستمر فالظاهر أنه لا يلزم استمراره ولو ثبت ذلك لاستمر عمل الخلفاء بعده على حمى ذلك الموضع، وقد تقدم أن الصديق رضي الله عنه حمى الربذة وكذلك عمر رضي الله عنه فتأمله والله أعلم. ص: (وإن مسلما إن قرب) ش: ظاهره أن الذمي يحمي في القريب بإذن الإمام وهذا ليس بمنصوص للمتقدمين. قال ابن عبد السلام: لكن ركن إليه الباجي. وفي المسألة قول ثان لابن القصار.
قال: للامام أن يأذن لأهل الذمة في الموات. قال في التوضيح: ولم يفرق بين قريب ولا بعيد.
وفيها قول ثالث قال ابن عبد السلام: وهو المنصوص للمتقدمين. ابن عرفة: وهو المشهور أن حكمهم في البعيد حكم المسلمين، والقريب ليس لهم أن يحموه ولو أذن الامام، والقريب هو حريم العمارة مما يلحقونه غدوا ورواحا. قاله في التوضيح. وقاله في الجواهر ونصه: وأما البعيد فلا يفتقر إلى إذن الإمام فيه وهو ما كان خارجا عما يحتاجه أهل العمران من محتطب ومرعى مما العادة أن الرعاء يصلون إليه ثم يعودون إلى منازلهم فيبيتون بها ويحتطب المحتطب ثم يعود إلى منزله انتهى. وقال ابن رشد في رسم الدور من سماع يحيى في كتاب السداد والأنهار: وحد البعيد من العمران الذي يكون لمن أحياه دون إذن الإمام ما لم ينته إليه مسرح العمران واحتطاب المحتطبين إذا رجعوا إلى المبيت في مواضعهم من العمران انتهى.
تنبيه: يعترض على المؤلف بما اعترض به على ابن الحاجب، لان المؤلف قد قدم أن القرب من وجوه الاختصاص فلا يكون القريب مواتا. إذ الموات ما انفك عن الاختصاص فلا يتصور في القريب إحياء، لان الاحياء إنما يكون في الموات. والظاهر أن مراد المؤلف أن حريم
(٦١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 608 609 610 611 612 613 614 615 616 617 618 ... » »»
الفهرست