مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٧ - الصفحة ٦٠٥
التوضيح، ويؤخذ من كلام سحنون الآتي، فلا يجوز أن يكون الحمى كثيرا يضر بالناس ويضيق عليهم.
الشرط الرابع: أن يكون في المواضع التي لا عمارة فيها بغرس ولا بناء وإلى ذلك أشار بقوله: من بلد عفا أي ليس لأحد فيه أثر بناء ولا غرس. والمراد بالبلد الأرض وأعاد الضمير عليها مذكرا اعتبارا بلفظ البلد، فلا يجوز أن يكون الحمى في المواضع المعمورة بالبناء والغرس.
وأشار المصنف رحمه الله بما ذكره في هذين الشرطين إلى ما قاله سحنون ونقله عنه في النوادر وغيرها. قال في التوضيح: قال سحنون: الأحمية إنما تكون في بلاد الاعراب العفاء التي لا عمارة فيها بغرس ولا بناء، وإنما تكون الأحمية فيها في الأطراف حتى لا تضيق على ساكن، وكذلك الأودية العفاء التي لا مساكن بها إلا ما فضل عن منافع أهلها من المسارح والمرعى انتهى. وجعل الشارح قول المصنف: قل من بلد عفا شرطا واحدا، وجعل قوله: لكغزو شرطا مستقلا وهو نحو كلام المصنف في التوضيح، والظاهر ما ذكرناه، نعم يمكن أن يكون الشرط الثالث والرابع شرطا واحدا كما قال الشارح فتكون الشروط ثلاثة.
تنبيهات: الأول: الأصل في الحمى ما رواه البخاري في صحيحه في كتاب الشرب - بكسر الشين المعجمة - والمراد بالشرب الحكم في قسمة الماء الماء وضبطه الأصيلي بالضم. قال الحافظ ابن حجر: والأول أولى. قال البخاري: حدثنا يحيى بن بكير. قال: حدثنا الليث عن يونس عن ابن شهاب عن عبد الله بن عبد لله بن عتبة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الصعب بن جثامة رضي الله عنه، قال: أن رسول الله (ص) قال: لا حمى إلا لله ولرسوله.
قال: وبلغنا أن رسول الله (ص) حمى النقيع وأن عمر حمى الشرف والربذة. وأخرج منه أيضا في كتاب الجهاد في باب أهل الدار يبيتون الموصول منه، عن الصعب بن جثامة أيضا أعني قوله: لا حمى إلا لله ولرسوله. وقوله: وبلغنا أن رسول الله (ص) حمى النقيع هكذا وقع لجميع رواة البخاري غير أبي ذر فإنه وقع عنده قال أبو عبد الله بلغنا فاغتر بذلك بعض الشراح فظن أنه من كلام البخاري وأنه من تعليقاته وليس كذلك، وإنما القائل بلغنا هو ابن شهاب فهو موصول بالاسناد المذكور إليه لكنه مرسل من مراسيل ابن شهاب. وهكذا وقع في رواية لأبي داود فقال عن الصعب بن جثامة أن رسول الله (ص) حمى وقال: لا حمى إلا لله ولرسوله قال ابن شهاب: وبلغني أن رسول الله (ص) حمى النقيع ثم ذكر أبو داود رواية أخرى بعدها عن الصعب بن جثامة أيضا أن رسول الله (ص) حمى النقيع وقال: لا حمى إلا لله ولم يقل ولرسوله وذكر الروايتين في آخر كتاب الجراح من سننه. واقتصر الحافظ ابن حجر في
(٦٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 600 601 602 603 604 605 606 607 608 609 610 ... » »»
الفهرست