مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٧ - الصفحة ٢١٧
منفعة إذا لم يشهد لها على شئ بعينه أنه لها، وإنما أشهد لها بما في بيتها، ولعل ما تدعيه من متاع الرجال لم يكن في بيتها يوم الاشهاد فقال: سواء أشهد لها أو لم يشهد لها ما في البيت مما يعرف أنه من متاع النساء فهو لها، يريد وما كان فيه من متاع الرجال فهو لورثته إلا أن يكون اشترى لها من متاع الرجال شيئا فأشهد لها أنه إنما يشتريه لها. وفي قوله إلا أن يكون اشترى لها إلى آخر قوله، دليل على أنه لو أشهد لها على شئ بعينه من متاع الرجال أنه لها لم يكن لها وفي ذلك نظر، لأنه إن لم يعلم أصل الملك له صح الاقرار لها، وإن علم أصل الملك له كان إقراره هبة تصح لها بحيازتها إياها لكونها في بيتها وتحت يدها إلا ما في سماع أشهب من كتاب الصدقات والهبات في نحو هذه الحيازة أن هذا آل إلى الضعف، وهو القياس على مذهب ابن القاسم، لان يد الزوج عنده هي المغلبة على يد الزوجة إذا اختلفا فيما هو من متاع الرجال والنساء، ولو قامت في حياته تدعي ما في بيتها من متاع الرجال وتحتج بما أشهد لها به من أن جميع ما في بيتها لها فناكرها في ذلك وادعى لنفسه وزعم أنه لم يكن في بيتها يوم أشهد لها بما أشهد وأنه إنما اكتسبه بعد ذلك، لوجب أن ينفعها الاشهاد ويكون القول قولها مع يمينها إلا أن يقيم هو البينة أنه اكتسب ذلك بعد الاشهاد، ويحتمل أن يكون معنى المسألة أنه أشهد لها بذلك في مرضه الذي مات فيه فلا يكون في بطلان الشهادة إشكال ولا في أنها لا يكون لها من متاع الرجال إلا ما أشهد عند اشترائه أنه إنما يشتريه لها فلا كلام انتهى. فقوله فلم ير لها فيما أشهد لها به منفعة إذ لم يشهد لها على شئ بعينه إلى آخر كلامه، صريح في أن الاقرار بالمجمل لا يصح. ونقل ابن سلمون في وثائقه في باب الوصايا فيه الخلاف عن ابن رشد وغيره. ونصه بعد أن تكلم على أم الولد: فإن قال في مرضه هذه ولدت مني ولا ولد لها، فإن كان له ولد من غيرها جاز إقراره وعتقت من رأس ماله وإلا لم يصدق ورقت. وكذلك إذا مات سيدها وقد كان أقر لها في صحته بجميع ما في بيتها من الثياب والماعون والحلي والقليل والكثير، فإنه يكون لها. وكذلك إن أشهد لها به مجملا وإن لم يشهد لها بذلك فلا يكون لها إلا الشئ الخفيف مثل كسوتها وشبه ذلك. وإن ادعته وكان من زيها وهي في ذلك بخلاف الحرة ويكتب في ذلك عقدا أشهد فلان على نفسه أنه برئ من أم ولده فلانة من علقه كلها وتبعاته أجمعها، وأقر أنه لا مرفوع له عندها ولا مودع ولا في ذمتها ولا في أمانتها، وأن ما يغلق عليه موضع سكناها معه من الأثاث والمتاع وما بيدها من الحلي وغيره مما هو شاكلة النساء فهو مالها ومتاعها لا حق له معها في شئ من ذلك، فمن ادعى في شئ من ذلك بدعوى أو طالبها بمطلب بسببه في حياته أو بعد وفاته فمطلبه باطل ودعواه كاذبة، أو قصد تحليفها أو تحنيثها فالله حسيبه وسائله إشهادا صحيحا، وكذلك تعقد للزوجة إن نسبها إلى ذلك. وقد اختلف في موجب هذه الوثيقة، فقال ابن زرب: ذلك لها ويصح إشهاده بذلك ولا بد من اليمين. وحكى أن بعض الشيوخ كان يفتي بأن لا يمين عليها إلا أن
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 ... » »»
الفهرست