مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٤٣٤
هذا أنه لا يصح أن يحرموا عنه لا بفريضة ولا نافلة. أما الفريضة فواضح، وأما النافلة فلا، لأنه ذكر العمرة وهي نافلة، ولقوله: وإن لم يفق حتى طلع الفجر لم يجزه حجه ولم يقل:
ويكمل حجه ويجزئ نافلة فتأمله. قال ابن يونس في شرح كلام المدونة المتقدم: لان الاحرام هو الاعتقاد بالقلب للدخول في الحج والعمرة والاعتقادات النيات ولا ينوب فيها أحد عن أحد، والمغمى عليه لا تصح منه نية ولا تنعقد عليه عبادة لأنه غير مخاطب بها في حال إغمائه ولا خلاف في ذلك انتهى. إذا علم ذلك فمن أغمي عليه عند الاحرام فينتظر. فإن لم يفق من إغمائه حتى خرج الوقت فقد فاته الحج، وإن أفاق من إغمائه قبل فوات وقت الوقوف فلا يخلو إما أن يفيق بعرفة أو يفيق قبل يوم عرفة. فإن أفاق بعرفة أحرم منها حينئذ، فإن كان ذلك بعد الزوال فإنه يلبي ثم يقطع مكانه على المشهور. وقيل: يلبي حتى يرمي جمرة العقبة كما سيأتي. وإن أفاق قبل يوم عرفة قال سند: فإن أمكنه أن يرجع إلى الميقات فالأحسن له أن يرجع.
فإن لم يفعل وأحرم من موضعه أجزأه. وهل عليه دم؟ قال ابن القاسم: لا أحفظ فيه عن مالك شيئا وأرجو ألا يكون عليه شئ وهو بين، فإن دم مجاوزة الميقات إنما يثبت في حق من يجاوزه مريدا للحج أو للعمرة أو لدخول مكة على خلاف في الأخير، وهذا لم يكن عند الميقات مريدا أصلا فأشبه المجنون المطبق، إذا جاوز به أهله الميقات ثم عوفي فأفاق وأحرم من موضعه لا يختلف فيه أنه لا دم عليه انتهى. وهذا كله فيمن أغمي عليه قبل الاحرام، وأما من أغمي عليه بعد الاحرام فسيأتي الكلام عليه إن شاء الله عند قول المنصف: أو بإغماء قبل الزوال. فتحصل من هذا أن للمغمى عليه قبل الاحرام أربع حالات: الأولى: أن لا يفيق أصلا من أول الحج إلى كماله. الثانية: أن يفيق في أثناء الحج بعد وقت الوقوف فهذا فقد فاته الحج في الصورتين. الثالثة:
أن يفيق بعرفة فهذا محرم حينئذ ويلبي إلى الزوال إن كانت إفاقته قبل الزوال، وإن كانت إفاقته بعد الزوال فيلبي ثم يقطع في حينه على المشهور. الرابعة: أن يفيق قبل عرفة فحكم هذا ما قاله سند من أنه إن أمكنه أن يرجع إلى الميقات فيحرم منه فالأحسن له أن يرجع، فإن لم يفعل وأحرم من موضعه أجزاه ولا دم عليه والله أعلم. ص: (والمميز بإذنه وإلا فله تحليله) ش: يعني أن الصبي المميز يحرم عن نفسه لكن بإذن وليه. فإن أحرم بغير إذن وليه انعقد إحرامه وكان للولي تحليله منه وله إجازة فعله وإبقاؤه على إحرامه بحسب ما يرى من المصلحة. فإن كان يرتجي بلوغه فالأولى تحليله ليحرم بالفرض بعد بلوغه فإن أحرم بإذنه لم يكن له تحليله. قال الشارح: وانظر إذا أراد الرجوع بعد الاذن وقبل الاحرام هل له ذلك كما في العبد أم لا انتهى.
(٤٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 ... » »»
الفهرست