مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٣ - الصفحة ٤٣٠
الحرم. قلت: يحمل على تجريده والله أعلم. فعلى المعنى الأول يؤخر الفعل عن النية، وعلى الثاني لا يؤخر انتهى. فما قاله مخالف لمتقدم فإن كان وقف على كلام التوضيح وقصد خلافه فالصواب مع صاحب التوضيح، وإن كان لم يقف عليه فهو معذور. وما ذكره عن الشارح هو المتعين وإنما قاله في الشرح الكبير فقط ونصه: وانظر قوله قرب الحرم هل يتعلق بقوله فيحرم وبقوله جرد معا حتى تكون النية من الولي مقرونة بتجريد الصبي لما علمت أن الاحرام لا ينعقد إلا بنية مقرونة بقول أو فعل، أو يغتفر في حق الصغير ما لا يغتفر في حق غيره فينوي عنه عند الميقات ويجرد قرب الحرم وهو ظاهر عبارة الشيخ؟ انتهى. وأما الصغير والوسط فلم يعرج على ذلك بل في كلامه في الصغير ما ينافيه وهو أنه قال في شرح قوله ومطبق أي فيحرم عنه الولي ويجرده وليس كالصبي في تأخير تجريده انتهى ونحوه كلام الأقفهسي في شرحه.
وقد تقدم أن حكم المجنون وحكم الصبي الذي لا يميز وأنه يؤخر إحرامه. وعبارة الشامل أحسن عبارته في الشرح ونصها: نوى ولي عن كرضيع وجرده قرب الحرم انتهى. ولما اضطربت هذه النقول وغيرها على بعض من عاصر مشايخنا جعل في المسألة قولين: فقال في منسكه: ويجرده قرب الحرم، وهل يحرم به عند الميقات أو عند تجريده قولان. انتهى والله أعلم.
الثاني: علم مما ذكرناه أن إحرام الولي عن الصبي ليس خاصا بالرضيع وكذا تأخير الاحرام لقرب الحرم ليس خاصا به كما قد يوهمه كلام المصنف، بل ذلك عام في غير المميز ولكنه رحمه الله خص الرضيع بالذكر لينبه على أن المشهور صحة حجه وجوازه خلافا لما ذكره اللخمي عن الموازية من منع الحج به. ولو أتى بالكاف فقال عن كرضيع لكان أحسن. وقال ابن عبد البر في التمهيد بعد أن ذكر جواز الحج بالصبيان: عن مالك والشافعي وفقهاء الحجاز والثوري وأبي حنيفة والكوفيين والأوزاعي والليث وغيرهم من أهل مصر والشام وكل من ذكرناه يستحب الحج بالصبيان ويأمر به ويستحسنه، وعلى ذلك جمهور العلماء في كل قرن. وقالت طائفة: لا يحج بالصبيان وهو قول لا يشتغل به ولا يعرج عليه انتهى. وقال أبو مهدي: اتفقوا على أنه يستحب لكافل الصبي تمرينه على العبادات حتى تصير له كالعادات.
واختلفوا هل يجب ذلك على كافله؟ واختلف القائلون بالوجوب في وقته، ولا خلاف بين العلماء أن الصبي يثاب على ما يفعله من الطاعات ويعفى عما يجترحه من السيئات وإن عمده كالخطأ. وقال في مختصر الواضحة: ولا تجب فريضة الحج على الصغير والصغيرة حتى يبلغ الصغير الحلم والصغيرة الحيض، ولكن لا بأس أن يحج بهما وهو مستحب عمل به رسول الله (ص) انتهى. ثم ذكر عن طلحة بن مصرف قال: كان من أخلاق المسلمين أن يحجوا بأبنائهم ويعرضونهم لله. وعن ابن عباس: أيما صبي حج به أهله أجزأ ذلك عنه وإن أدرك فعليه الحج انتهى. وهذا الحديث في أبي داود ونصه: قال عليه الصلاة والسلام إيما صبي حج به أهله فمات أجزأ عنه فإن أدرك فعليه الحج، وأيما عبد عبد حج به أهله أجزأ
(٤٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 ... » »»
الفهرست